بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله وسلم على رسوله الكريم
الحمد لله وحده
أما بعد فإن صلاة الجُمعة فريضة على المسلمين بالكتاب والسنة والإجماع، ووجوبها معلوم من الدين بالضرورة، فمن أنكره كفر.
أما دليل وجوبها من الكتاب فقول الله تعلى:(يأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله..) وقد أجمع المفسرون على أن قوله: (فاسعوا إلى ذكر الله) معناه: امشوا و امضوا إلى سماع الخطبتين وَالصلاة.
وأما دليل ذلك من السنة فمنه ما أخرجه مسلمٌ في الصحيح وأحمد في المسند وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: (لقد هممت أن آمر رجلا يصليَّ بالناس ثمَّ أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم).
ومنه ما أخرجه مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره : (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعاتِ أو ليختمنَّ الله على قلوبهم ثمَّ ليكونن من الغافلين) وقد أخرجه أحمد والنسائي من حديث ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أيضا.
ومنه ما أخرجه أصحابُ السنن الأربعةُ وأحمد عن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من ترك ثلاث جمعٍ تهاوُنًا طبع الله على قلبه) ولأحمد وابن ماجه نحوه من حديث جابر رضي الله عنه، وأخرج نحوه الحاكم من حديث أبي قتادة، و< لفظ > حديث جابر عند النسائي وابن خزيمة والحاكم: (من ترك الجمعة ثلاثا من غير ضرورة طبع على قلبه) وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا عسى أحد منكم أن يتخذ الضِّبْنَةَ من الغنم على رأس ميلين أو ثلاثة تأت الجمعة فلا يشهدُها ثلاثا فيطبع الله على قلبه.) والضِبْنة بكسر فسكون: ما تحت يدِك من مال أو عيال.
وأخرج أبو يعلى الموصلي في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما: (من ترك ثلاث جمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء ظهره)
وهذا موقوف له حكم الرفع لأن مثله لا يقال بالرأي.
وأخرج الطبراني في معجمه الكبير عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء يوم الجمعة ولم يأتها ثم سمع النداء ولم يأتها ثلاثا طبع على قلبه فجعل قلب منافقٍ.)
قال العراقي إسناده جيد.
وأخرج ابن ماجه والبزار والدار قطني عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله افترض عليكم الجمعة في شهركم هذا فمن تركها استخفافا بها وتهاونا ألاَ فلا جمعَ الله له شمله ألاَ ولا بارك الله له ألا و لا صلاة له.) من طريقين في كليهما ضعيف لكن أحدهما يعضد الآخر، والأحاديث في الباب تربو على الخمسين.
وأمَّا الإجماع فقد حكاه كثير من أهل العلم
ولا يعلم فيه مخالفٌ.
هذا ومن القواعد المسلمة أن الذمة إِذا عمرت بمحقق فلا تبرأ إِلا به.
ولم يرد في النصوص ما يخصص هذا العموم غير حديث طارق ابن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعةً عبدٌ مملوك وامرأةٌ وصبيٌّ ومريض.) أخرجه أبو داود وقال: لم يسمع طارق من النبي صلى الله عليه وسلم
وأخرجه الحاكم موصولا من رواية طارق عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وغير حديث جابر رضي الله عنه: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا امرأة أو مسافراً أو عبداً أو مريضاً.) أخرجه الدارقطني والبيهقي وفي إسناده ابن لهيعة ومعاذ بن محمد الأنصار وهما ضعيفان.
وغير حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( ليس على مسافر جمعة.) رواه الطبراني في الكبير بإسناد ضعيف.
وبهذا يعلم أن ما يذكره بعض الفقهاء من الشروط التي لم يقم عليها دليل لا يمكن الاعتماد عليه في ترك أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك اشتراط العدد فقد نصَّ العلماء على أنه لم يقم عليه دليل يعتمد عليه بل قد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم.) وهو عام في جميع الصلوات لم يرد ما يخصصه كما قال الحافظ عبد الحق الإِشبيلي المالكيُّ وغيره من كبار الحفاظ.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:( أول جمعة جمّعت بعد جمعة < في > مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد القيس بجُواثى البحرين.) أخرجه البخاري في الصحيح وغيره.
وفي رواية أبي داود: (بجواثى قرية من قرى البحرين)
قلت ومازالت جدران هذا المسجد قائمة إِلى وقتنا هذا وقد صليتُ فيه فوجدته لا يتسع لعشرين رجلا.
ومن ذلك أيضا البناء فقد جمّع أسعد بن زرارة رضي الله عنه في قرية يقال لها هزم النبيت في حرة بني بياضة على ميل من المدينة وكان بناؤهم من جريد وسعف وقصب.
وأقر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أهل المنازل بين مكة والمدينة على التجميع.
ومن المعلوم أن الذين يشترطون جماعةً تتقرى بهم قرية إنما يقصدون وقت إنشاء القرية، أما بعدَ أن تقرَّتْ القرى فلا يشترطونها لأداء الجمعة.
وعلى هذا فالذي أُراه - والله أعلم – أن أهل القرى القائمة كقرية "إِﮘرم" وغيرها تجب عليهم إقامة الجمعة وهي فرض عين على من حضر يومها من أهل القرية من الذكور البالغين الأحرار الذين لا يشق عليهم حضورُها مشقة عظيمة. والعلم عند الله تعالى.
كتبه محمد الحسن بن الددو.
------------------
وقد سلم هذه الفتوى كوكبة من العلماء مثل:
1- الشيخ: اليدالي بن الحاج أحمد.
2- الشيخ: محنض بابه بن امّيْن.
3- العلامة الشيخ: محمد سالم ابن عدّود.
4- الشيخ: محمد بن محفوظ بن المختار فال.
5- الشيخ الإمام: بداه بن البوصيري.
6- الشيخ: أحمدُّ بن المرابط بن الشيخ أحمدّ.
7- الأستاذ: أحمد ولد النيني.
8- الإمام: محمد محمود بن أحمد يور.
9- الشيخ: الولي محمذ بن الولي المختار بن محمود.
10- العلامة: حمدا بن اتاه.
11- الشيخ: محمد سالم بن اتاه بن يحظيه بن عبد الودود.
12- الشيخ: محمد بن أحمد مسكة.
13- الشيخ العَلَم: محمد فال بن عبد الله بن اباه.
14- الشيخ: محمد عبد الله بن ........
15- الشيخ: محمد عبد الله بن عبد الباقي بن سيد ال...
16- الشيخ: لمرابط ولد محمد الأمين.
17- الأستاذ: الشيخ بن الشيخ أحمد.
18- الشيخ: محمد فال بن عبد اللطيف.
19- الشيخ الزاهد: أحمدُّ بن محمذ فال (لمرابط: مَدّو)
20- الشيخ: الا بن الاّ.
|