الإمام الموقظ العلامة الددو ( من وحي برنامج مفاهيم والذي عرض على قناة فور شباب ):

بُوركت تلك الأنفاس الطاهرة ، و الآراء الباهرة ، صَدَعْتَ بما تدين ، وجَهَرْتَ بما يزين ، بلسان عربي مبين ، فأطلقت للحرية باباً ، و هدمت للتقليد حجاباً ، فانسابت ترفل بين يديك آراء ما ألفتها الأسماع ، و لا اعتادتها الطباع ، حاربت بفعلك آفة الجمود و التقليد ، و خضوع الأعناق للأقوال لغير دليل سديد ، ولا دليل لقائله إلا التقليد ، و ما أدراك ما التقليد ؟ من اعتاده قُيِّد ، وحرم نفسه حرية العقل  ، و رحابة الفكر ، و تدبر القرآن ، و تأمل النصوص ، فلا رأي عندك تبديه إلا ما رجح لديك صوابه ، و كُشِفَ عن وجه حسنه لك حجابه ، فلا التقليد قيدك و لا الترهيب أرهبك  .

و إذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام ، و تقاصرت عن بلوغها الهمم ، و تقازمت دونها القمم ، فسبحان من علم بالقلم .

ومن جهر و صدع لا يعلو فوق ندائه همس من خافت وقنع ، و إن كانوا ألف مخافت .

لك الله من موقظ منهض ، تجاسر و أقدم حينما تهيب الشجاع و أحجم ، و كنت لها عندما قال الناس من لها :

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني

عنيت فلم أكسل و لم أتبلد

حرك العقول للتفكر ، و شحذ الأذهان للتبصر ، فأسرع الباحثون للتنقيب عن وجه قوله ، و انشغل العالمون بمراجعته في رأيه ، وهذه يقظة ، متى فُقِدَتْ َفقَدَت الأمة نهضتها ، فاليقظة حقائق لا أحلام ، و يقين لا أوهام، و نهوض و تحضر ، و شموخ و تحرر ، و سياحة في الأرض و تبصر ، لا خلود إليها و تسمر ، و نور ساطع مبين ، لا ظلام دامس بهيم .

الفوائد في مجالس العلامة غزيرة و الفرائد في مذاكرته وفيرة ،  إلا أن أعظمها نفاسة في الميزان  وأجلاها نُدرة في الميدان اكتساب شجاعة الصدع بالرأي ، و أنعم بها من شجاعة ، و كلما علا مقام خوف العبد من الله علا مقام شجاعته في بيان دين الله ، قال تعالى " فلا تخشوا الناس و اخشون " وقال جل ذكره " فلا تخافوهم و خافون " فخشية الخالق سبحانه و خوفه تستلزم عدم خشية المخلوق و خوفه ، أي تستلزم الشجاعة ، لذا كان أشدُ الناس خوفاً من الله سبحانه أشجعَهم وهو حبيبنا رسول الله صلى عليه وآله و سلم ، وكما لا يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون فكذا لا يستوي الأعمى و البصير و لا الظلمات و لا النور .

كتبه: سلطان بن عبدالله الرشيد