لا فزمان الخويصة هو الزمان الذي لا يطاع فيه الإنسان إذا أمر، إذا نهى عن منكر لم يطع و إذا أمر بمعروف لم يطع و هذا الزمان ما زال الناس و لله الحمد فيهم خير كثير فلم يأت ذلك الزمان بعد و ذلك الزمان لا يكون أيضا مستمرا لوقت طويل كما يتوهمه بعض الناس يظن أن زمان الخويصة هو آخر هذه الأمة أو زمان مستمر منها وهذا غير صحيح زمان الخويصة فترة تمر بالقرى إذا أراد الله إهلاكها فإن الله تعالى تعهد بإهلاك كل قرية قبل قيام الساعة فقال تعالى:﴿و إن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا﴾

و قد بين الله علامة ذلك الإهلاك و هو أن يسلط عليها مترفي أهلها فيأمرهم فيها فيكثروا فيها الفساد فلا يستطيع أحد التغيير عليهم و لا الإنكار عليهم لأنهم يخوفون الناس فيستسلم لهم الجميع فيمدحونهم في وجوههم و يذمونهم في قفاهم و لا ينكرون عليهم شيئا مما يفعلونه فإذا ظهر ذلك و لم يوجد منكر للمنكر فذلك وقت الخويصة يعتزل أهل الخير حتى يأتي العذاب فيهلك تلك القرية و لذلك قال الله تعالى: ﴿و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها﴾، أمرنا بمعنى جعلناهم أمراء و لذلك في القراءة الأخرى ﴿أمَّرنا﴾ ﴿ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا﴾ وهذه الأمور متقاربة لأن الفاء للترتيب و التعقيب فإذا جاء العطف بالفاء فإنه يقتضي القرب: ﴿أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا﴾ أمور متفاوتة جدا و هذه الأمور وقتها هو وقت الخويصة إذا حصل ذلك لكن هذه الأمة ما زالت بخير و فيها كثير من أهل الاستقامة و الصلاح وفيها كثير من الذين يحبون الخير و يحبون أهله و لذلك لا يغتر أحد بأن العزلة أفضل في هذا الزمان فهذا غير صحيح فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس و لا يصبر على أذاهم.