العلاقة التي يجب أن تربطنا بالكافر المسيطر

 

ما العلاقة التي يجب أن تربطنا بالعالم الكافر المسيطر المحيط بنا وهل يجوز أن يكون التعاون على أساس التنازل عن غير الحرام والواجب و هل يدخل التصدي لهم في الإنتحار؟ إن الله سبحانه و تعالى حدد العلاقة بين عباده فقال تعالى:﴿إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون و من يتولى الله و رسوله و الذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون﴾ وقال تعالى:﴿يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي و عدوكم أولياء﴾ وقال تعالى:﴿يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء﴾ وقال تعالى:﴿يأيها الذين أمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزؤا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و الكفار أولياء﴾ وقال تعالى:﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء﴾ وقال تعالى:﴿يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ﴾

وقال تعالى:﴿يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباؤكم وإخوانكم أولياء إن استحب الكفر على الإيمان و من يتولهم منكم فألائك هم الظالمون قل إن كان آباءكم و أبناءكم وإخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم و أموال إقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها أحب إليكم من الله و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره﴾ وقال تعالى:﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم﴾ فلا بد من البراء من كل من عاد الله عز وجل و هذا البراء كلمة تركها إبراهيم باقية في عقبه إلى يوم القيامة كما قال الله تعالى:﴿جعلها كلمة باقية في عقبه﴾ فنحن جعلنا الله ذرية إبراهيم فقد خاطبنا في كتابه بقوله:﴿ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل﴾ و قد جعل هذه الكلمة باقية في عقبه بالولاء لأولياء الله و البراء من أعداء الله مطلقا ولا يدخل في الموالات الإنتفاع مما في أيديهم بالتعامل إذا كان ذلك التعامل ليس فيه شيء من التنازل عن دين الله عز وجل و لا بد أن نعرف أن الله وحده هو الخالق الرازق الحي القيوم المحيي المميت و أن الأمور كلها بيده وأن الأمور مرجعها إليه وأنه يبتلي عباده بتسليط أعدائهم عليهم إمتحان و ابتلاء كما قال تعالى:﴿و لا تهنوا و لا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله و تلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا و يتخذ منكم شهداء و الله لا يحب الظالمين و ليمحص الله الذين آمنوا و يمحق الكافرين﴾ وقد عرض لي في التدبر في هذه الآية أمر عجيب جدا لم أجده في كتب التفسير و هو أن الله عندما ذكر تقويم غزوة أحد ومن قتل فيها من المسلمين بين حكم ذلك سردا ثم أدخل بين هذه الحكم قوله:﴿والله لا يحب الظالمين﴾ هذه الجملة الاعتراضية لماذا جاءت هنا بعد قوله:﴿و يتخذ منكم شهداء﴾ فهذه الجملة من الحكم و هي﴿و يتخذ منكم شهداء﴾ وبعدها حكمة أخرى و هي قوله:﴿وليمحص الله الذين آمنوا و يمحق الكافرين﴾ فدخلت الجملة الإعتراضية بين هذه الجمل وتبين لي أن المقصود بها رد ما يمكن أن يتوهمه الإنسان فيقول لماذا يسلطهم الله علينا؟هل يحبهم؟ فقال:﴿و الله لا يحب الظالمين﴾إن الإنسان إذا قرأ في البداية هذه الحكم الواضحة كثيرا ما يختلج في ذهنه(إكول إياك ما يبغيهم)(كال) ﴿والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا و يمحق الكافرين﴾ فهذا من إعجاز كتاب الله العجيب جدا ولا بد أن ننتبه له ثم بعد هذا لا بد أن نعلم أن الله يقول في كتابه:﴿ذلك ولو يشاء الله لا انتصر منهم و لكن ليبلو بعضكم ببعض﴾ ومن المعلوم أن من شرع في التنازل سيجد مسلسلا طويلا أمامه كل خطوة تدعوا إلى خطوة أسفل منها إلى أن يصل إلى الحضيض ولذلك قال الله تعالى في مواقف أهل الضعف في غزوة الأحزاب:﴿و إذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا﴾ وهذا موقف المعوقين الذين فصل الله قوقفهم بقوله:﴿قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا و لا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم(بخلاء) أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أؤلائك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم و كان ذلك على الله يسيرا﴾ الموقف الثالث قوله:﴿ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة و ما هي بعورة﴾ هؤلاء يقولون سنكتفي بمصالحنا العاجلة ونهتم بمستقبلنا و تأمينه حتى تزول هذه الهجمة ثم بعد ذلك نعود إلى مكاننا و الواقع أنهم بدأوا مسلسل التنازل و لذلك قال:﴿ولو دخلت عليهم من أقطارها﴾ أي دخلت عليهم البيوت من أقطارها﴿ثم سئلوا الفتنة لأتوها﴾ أي وقعوا في الردة نسأل الله السلامة و العافية و في القراءة السبعية الأخرى﴿ثم سئلوا الفتنة لآتوها﴾ أي لأعطوها من سألهم ﴿و ما تلبثوا بها إلا يسيرا﴾ ما تأخروا عنها﴿و لقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا﴾ فلذلك لا بد من قطع مسلسل التنازل مطلقا وأن يستشعر الإنسان أن عليه أن يتوكل على الله سبحانه وتعالى ولا يعد ذلك انتحارا أبدا بحال من الأحوال بل قد عودنا الله من سنته المستمرة أن الفرقة القليلة المؤمنة الصادقة ينصرها الله على الطوائف العظيمة الجسيمة و لذلك قال الله تعالى:﴿قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله و الله مع الصابرين﴾ فهؤلاء ميزهم الله بأمرين الأمر الأول العقيدة لأنه قال:﴿قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله﴾ أي يجزمون بأنهم ملاقوا الله معروضون عليه لا محالة و الظن بمعنى اليقين و الأمر الثاني الدعاء﴿ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله و قتل داوود جالوت وآتاه الله الملك و الحكمة وعلمه مما يشاء﴾ إن حالنا اليوم قريب من حال المؤمنين في وقت الأحزاب عند ما كان عددهم يسيرا وكانوا محصورين في المدينة بين لا بتيها و قد جاءهم المشركون من أعلا منهم وجاءهم اليهود من أسفل منهم و بلغت القلوب الحناجر و وصلوا إلى ذلك الحال فقال المنافقون:﴿ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا﴾ وقالوا يعدكم محمد أنه ستفتح عليكم كنوز كسرى و قيصر و ها أنتم اليوم لا يستطيع أحد منكم أن يخرج لقضاء حاجته فلم تمض ست سنوات حتى فتح الله كنوز كسرى و قيصر على المؤمنين و انفقت في سبيل الله.

 

 

الخميس, 16 ديسمبر 2010 10:22
 

آخر تحديث للموقع:  الجمعة, 12 أبريل 2024 20:59 

النتائج النهائية لمسابقات دخول المركز

اشترك في القناة

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

جديد الموقع

إحصائيات

المتصفحون الآن: 17 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow