الشورى .. و الديمقراطية ـ برنامج قضايا الامة
تناولت هذه الحلقة من برنامج " قضايا الأمة " تطبيق الشريعة الإسلامية ، والعلاقة بين الشورى والديمقراطية ، وموضوعات أخرى تندرج في باب السياسة الشرعية فكانت أهم تلك الإجابات:
• (ما معنى تطبيق شرع الله؟..) إن الله خلق الخلق ولم يتركهم سدى وقد علم أنهم لا يستقلون بمعرفة مصالحهم وأن عقولهم متفاوتة ؛ فشرع لهم الشرائع و أنزل عليهم الكتب وأرسل إليهم الرسل وقد ختمهم بمحمدصلى الله عليه وسلم وقال في الدين الذي بعثه به :{إن الدين عند الله الإسلام} - فتطبيق شرع الله على عباد الله في أرض الله من أولى الواجبات و آكدِ الفروض ، وهو أول ما يخاطب به من تولى أمر المسلمين ولا خيار لأحد في ذلك ؛ لأن التشريع من خصائص الإلهية والشرك فيه من الشرك الأكبر المخرج عن الملة كما قال تعالى :" اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " وذلك كان منهم بالتحليل والتحريم.
• وتبديل شرع الله وتغييره أو زعم أن شرعا أيًّا كان سواه مساوٍ له أو أشرف منه أو أعدل هو كفر أكبر مخرج عن الملة ، وتعطيله لغير ذلك ظلم للناس وفسوق في العلاقة بالله؛ فمن اعتقد عدالة شرع الله و أحقيته ووجوب تطبيقه ولكنه ظلم فأخذ الرشوة أو حابى قريبا أو عدل عن شرع الله لأمرٍ مَّا ، ولكنه لم يبدل شرع الله ولم يغيره فهذا ظلم دون ظلم وصاحبه ظالم فاسق.
• (تطبيق شرع الله في هذا الظرف مع الضغط والحصار؟...) لا يمكن ان يحدث ظرف استثنائي لم يكن الله على علم به جل جلاله فهو علام الغيوب ، والظروف كلها لها اعتبار في الشرع ولكن الذي يحدد ذلك الاعتبار ويكيف ذلك الظرف هم أهل العلم الراسخون فيه فهم الذين يعرفون ما يمكن تطبيقه من الشرع ولا يحول دونه حائل مانع منه فجب المبادرة إلى تطبيقه ، وما لا يمكن إقامته من الشرع في ظرف محدد لعارض محدد يبينون ذلك ويحددونه فقد قال تعالى: { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه }– ولا يجوز القول على الله بغير علم وهو ذنب عظيم .
• وما يتوهم الناس فقط أن غيره أعدل منه ، أو أنه قاس أو أن فيه فظاظة أو غلظة أو أنه يجر ضغطا أو ضائقة ؛ فقد قال الله في مثل هذا { فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عندهفيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين } فشرع الله لا يدفع بالظنون والأوهام وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لحدّ واحد يقام على وجه الأرض خير لأهلها من أن يمطروا سبتا" ومن هنا فإقامة الحدود تضمن العدل والأمن ، وهي سبب في وفرة الأرزاق ، ورخص الأسعار ، وأن يرزق الناس من فوقهم ومن تحتهم كما قال تعالى : { ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}.
• وبناء على بيان الراسخين في العلم يسعى أولياء الأمور إلى إزالة الضرورات التي تحول دون تطبيق شيء من شرع الله حتى يمكن تطبيقه قبل الممات .
• (القوانين الوضعية ؟..) هذا سؤال كبير محيِّر لكثير من الناس وبسببه حصل التطرف و التساهل أيضا وهو محتاج لحلقات ونقاشات مفصلة ؛ فالحكم وتطبيقه ؟ وصور ذلك ؟ وبيانه ؟ من المسائل الدقيقة التي يحتاج فيها إلى رسوخ في العلم وإلى تصور للواقع و المآلات بحيث يكون صاحبه على بينة وبصيرة مما يقول .
• -ان الله لم ينزل هذا الشرع ليعطل و إنما أنزله ليُعمل به ويحكم في حياة الناس ويكون دستورا ومرجعية للأمة .
• يلزم التمييز بين ثلاث مستويات : 1 تبديله ونسبته إلى الله 2تبديله دون النسبة 3 تعطيله ؛ فالمستوى الأول هو التحريف الوارد في قول الله تعالى حكاية عن اليهود : { ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} وهذا كفر بواح، والقسم الثاني هو القانون الوضعي الذي يحله صاحبه محل شرع الله وقد أجمع أهل العلم على أن هذا كفر وأنه تبديل لشرع الله ، والمستوى الثالث هو التعطيل من غير تبديل فهذا قطعا جور وظلم حين يطبق الناس قوانين من عند أنفسهم أو أحكاما عرفية ...
• وبين الإفراط والتفريط حد وسط ؛ فإن شرع الله لا يسع أحدا تركه وعلى الحاكم أن يسأل العلماء العاملين هل هذه المسألة محل ضرورة ؟ وهل الضرورة فيها تبيح تأخير هذا الحكم الشرعي ؟ وهذه أمور صعبة لا يمكن أن يتجاسر عليها حاكم منتخب أغير منتخب ...فوصوله إلى الحكم بأي وسيلة كان لا يجعله مجتهدا ولا يمنحه حق الاعتراض والتصرف في شرع الله الذي نزل به الروح الأمين والذي حماه الله من غير أهله فقال :{ بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون }.
• وشريعة الله لا تقبل التجزئة وهي ليست فقط أحكاما قضائية أو حدودا ؛ ففي الشريعة عقائد ، ومنها عبادات ومنها معاملات ، ومنها أقضية ومنها أحوال شخصية ، ومنها حدود وزواجر وتعزيرات فهذه كلها الشريعة الي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم فلا بد من الأخذ بها كلها وتطبيقها جميعها ، وأول تطبيقها الحفاظ على أداء الصلوات على وجهها الصحيح وأداء الزكاة والصوم والحج ...ثم إقامة القضاء على الوجه العادل الصحيح ..إذا فهمنا هذا فستكون الحدود جزئية من جزئيات القضاء الذي هو جزئية من جزئيات الشرع العام ويلزم تطبيق الجميع.
• (الديمقراطية؟..) اما الدساتير فإنها عقود بين الشعوب ، ولكن مبناها على عقيدة كل شعب ، وعلى ذلك فإن الشعب المسلم ستكون أول مادة في دستوره هي ) أن جميع القوانين مصدرها واحد هو الشريعة الإسلامية ) كما هو الحال في دستورنا في موريتانيا.
• وللديمقراطية مفهومان : الأول : مفهوم أيديلوجي وهو أن الحكم مطلقا للشعب ولو تحرر من كل القيود بما في ذلك العقيدة والشريعة ، وهذا مفهوم مشبع بالإلحاد .
• اما المفهوم الثاني : فهو استعمال الديمقراطية كأداة ووسيلة وهذا المفهوم هو المفهوم السائد في الديمقراطية الآن ؛ فهي بمثابة الوعاء يمكن أن تحتوي عدلا وإسلاما ويمكن أن تحتوي جورا وكفرا . فالديمقراطية بهذا المفهوم لا تنافي الشرع ؛ لأن معناها أنه لا مجال لاجتهاد الناس فيما حسمه النص ، وأن الصلاحيات محددة والمرجعية محددة ، وأن من يختار الحاكم هو الشعب والأمة وهذا مشترك بين الشريعة والديمقراطية، تبقى طريقة الاختيار ولم يرد بها نص ؛ فبقيت للاجتهاد ... وقد وجدنا هذه الوسيلة التي انتهجها الغربيون وليس فيها محذور شرعي فنأخذ بها ونحتكم لصناديق الاقتراع في التداول السلمي على السلطة ، فلا منافاة بين الديمقراطية من هذا الوجه وبين الشريعة ، بل هي من أرقى الأنظمة التي يمكن أن يطبق من خلالها الإسلام .
• وقد أفاض الشيخ حفظه الله في بيان الأدلة الشرعية على التفويض والإنابة ومبدأ النقباء( النواب) ، ومجالات التفويض وانضباط التشريعات البرلمانية في الدساتير الإسلامية بالشريعة.
• والشورى أدب رباني وتوجيه قرآني لأولي الأمر والمؤمنين وهو ماض إلى يوم القيامة .
- القسم: السياسة الشرعية
- تحميــل
- المشاهدات:7034
بحث في المواد المقروءة
آخر تحديث للموقع: الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54