مقومات الوحدة العقدية في الاسلام
"مقومات الوحدة العقدية في الإسلام ":محاضرة لفضيلة الشيخ محمد الحسن بن الددوْألقاها في منبر الخميس بتاريخ : 30 – 10- 2014.
• التمهيد :
• أرسل الله المرسلين جميعا من لدن نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم بتوحيدين : الأول: توحيد الله جل جلاله ، والثاني: توحيد الكلمة قال تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه }.
• فقوله : " أن أقيموا الدين " هو توحيد الله عز وجل ، وتوحيد الكلمة هو المشار إليه بقوله :" ولا تتفرقوا فيه ".
• أضرار التفرقة :
• فهي نوع من العذاب كما قال تعالى : { ..أو يَلبِسكم شِيَعا ويُذيقَ بعضكم بأس بعض}.
• والافتراق مناف للرحمة قال تعالى : " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ".
• وبين الله تعالى براءة نبيه صلى الله عليه وسلم من المختلفين فقال: { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء..}.
• التفرقة مظهر من مظاهر الشرك قال تعالى : { منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا }.
• وقال النبي صلى الله عليه وسلم في التفرقة :" هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ".
• وحدة الأمة وأسسها :
• قال تعالى :{ وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون }، وفي الحيث الصحيح : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" .
• فأساس الأخوة والوحدة هو الإيمان لقوله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن للمؤمن " والحكم إذا علق بوصف مشتق دل ذلك على أمرين على التعليل وعلى العلية ..فمعناه أن سبب التآزر والتعاون هو الإيمان .
• وفي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".
• وأخرج النسائي في السنن ومالك في الموطإ والحاكم في المستدرك بسند صحيح من حديث علي رضي الله عنه :" والمسلمون تتكافؤ دماؤهم وهم يدٌ على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم".وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ذمَّة المسلمين واحدة " فالمسلمون جميعا لهم ذمة واحدة ويقوم بها أدناهم سواء كان صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى ..يقوم بذمة المسلمين جميعا .
• حقوق الأخوة ومقتضيات الأخوة بين المسلمين:
• أعظم الحقوق توفير السلامة وحفظ السلم الاجتماعي في الأنفس والأموال والأعراض قال صلى الله عليه وسلم : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والهاجر من هجر ما نهى الله عنه " .
• وفي الحديث " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يُكذبه ولا يسلمه ولا يخذله ...كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه .." فهذه حقوق الأخوة ومقتضياتها الناتجة عن عقيدة التوحيد .
• أخوة جامعة:
• وهذه الأخوة جامعة لكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ؛فهم جميعا أمة واحدة رسولهم واحد وكتابهم واحد وملتهم واحدة وذمتهم واحدة ، وذلك يستوجب أن يهتم بعضهم ببعض " فمن لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ".
• الحقوق العامة للأخوة الإسلامية :
• عيادة المريض.
• اتباع الجنائز.
• الصلاة على الميت.
• تشميت العاطس.
• رد السلام.
• إجابة الدعوة.
• حق الجار.
• حق الشريك في الوطن والعمل ..فإن الله ملك سكان كل أرض ما فيها من المنافع والمعادن والثروات وجعلها ملكا لهم قال تعالى : { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } فأصبح الوطن بذلك مرفقا مشتركا بين سكانه تجمعهم فيه سياسة واحدة وحكم واحد .. وفي الحديث :" الناس شركاء في الماء والنار والكلأ ".
• وقد تضمنت الآية الكريمة :" واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى و المساكين والجار ذي القربى والجار الجُنُب والصاحب بالجَنب وابنِ السبيل وما ملكت أيمانكم " تضمنت هذه الآية أصنافا من الحقوق لجهاتٍ من ذوي الخلطة والمعايشة
• فهي بذلك أصل في أدب المواطنة و الإحسان إلى الناس ..الأقرب فالأقرب ..وهي مُفتَـتحة بذكر الحق العقَديِّ العام الجامع :{ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا } وقد تفرعت عنه باقي الحقوق والواجبات في الأخوة الإسلامية المذكورة في الآية.
• التحذير من دعوات التفرقة :
• لقد عاش أهل هذه البلاد متحابين متآخين حتى جاء المستعمر فحاول أن يبذر بذور الفرقة ..ثم ظهرت الدعوات المغرضة والنعرات القومية الخصوصية ..وقد ردهم الله خائبين فانكسروا على صخرة الوحدة الإسلامية وجسر الأخوة الإيمانية ..قال الشيخ محمد عالي ابن عدود رحمة الله عليه:
• سيَّان أبيـــضنا حــقا وأســودنــا * فصـــفُّنا لاتحـــاد الديـن متحد .
• كالعين ما كان يغني لون أبيضها * عن لون أسودها فيما لها يَرد.
• نعم وقع بعض من الظلم من بعضهم على بعض ، وذلك أمر يقع في الخلطة والجوار :{ وإن كثيرا من الخُلَطاء ليبغي بعضُهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم }.
• ولكن الأغلب والأعم وما انطوت عليه النفوس هو رفع لواء الأخوة والمودة بين أهل هذه الأرض ..وما يحصل ممن المظالم بين الناس فإن الحق فيه لا بد أن يعود إلى صاحبه وقد تكفل الله للمظلوم بالنصر ولو بعد حين ، فكل من ظُـلِم لا بد أن يأخذ حقه طال الزمن أو قصر ..فلا يدوم فقر ولا ضعف والأيام دول .
• ناشئة المرتزقين :
• وقد نشأ اليوم ناشئة من المرتزقة يريدون لأهل هذه الأرض فسادا ويريدون بهم تناحرا واختلافا واقتتالا فيما بينهم ..وهم يسعون لإشاعة الفساد فلا يقيمون للدين وزنا ولا يعتبرونه حاجزا للإنسان ومانعا له من الفساد والتعدي ..وهم مدفوعون بالمطامع والكيد من اليهود والنصارى . ووطنهم و أمتهم ووحدتهم خير لهم لو كانوا يعقلون .
• الدعوة إلى الله صمام الوحدة ومُوَلِّد طاقتها :
• لقد وحدت الدعوة فئات هذا الشعب وقوَّت الأواصر والروابط وأعْلت من شأن العقيدة الجامعة والوطن المشترك والجوار المرعيِّ والمصلحة المتبادلة والأرحام النابضة ؛ فنشأت أجيال بحمد الله على الألفة والمحبة ونشر البر بين الناس جميعا ، وسعى هذا الجيل إلى نشر الوعي بين الناس كافة في النواحي العلمية والدعوية والاجتماعية والاقتصادية كما كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم التي تآخى بها بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي " لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" " الناس لآدم وآدم من تراب " { إن أكرمكم عند الله أتقاكم }.
• مع تحيات إدارة الموقع العلمي لفضيلة الشيخ : محمد الحسن بن الددو حفظه الله.
- القسم: السياسة الشرعية
- تحميــل
- المشاهدات:7544
بحث في المواد المقروءة
آخر تحديث للموقع: الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54