مفاهيم يجب أن تصحح؛ (مفهوم العبادة، التدين، الاستخلاف)
• ألقيت هذه المحاضرة في مسجد الرضوان بمدينة ازويرات ضمن سلسلة محاضرات ألقاها فضيلة الشيخ الددو حفظه الله في رحلة دعوية نظمتها جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم.
• نُلخص في هذه الأسطر بعضا مما جاء في هذه المحاضرة القيِّمة:
• مهمة الإنسان التي ابتُعث فيها إلى هذه الأرض هي إقامة الدين لله جل جلاله.
• لا بد أن يكون من أولويات الإنسان أن يفهم ما هو الدين وما هو دوره في حياته، وما المطلوب منه فيه، فهذا كله يدخل في مفهوم التدين.
• التدين معناه التزام الدين، وجميع الأنبياء أرسلهم الله إلى البشر لأمريْن:
• الأمر الأول: إقامة الدين، والثاني عدم الافتراق فيه، قال الله تعالى: " شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ"(الشورى، الآية 13).
• إقامة الدين مقتضية من الإنسان أن يدرك علاقته بربه ومعاملته له، وكل البشر مفطورون على التدين فمنهم من يفسد تلك الفطرة بما يعرض من الديانات المحرّفة والمبدلة التي لا أصل لها في السماء، ومنهم من يُحافظ على فطرته، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من مولود إلا وينتج كما تنتج البهيمة جمعاء فهل ترى فيها من جدع"، وثبت عنه أنه قال: "كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
• الإنسان بين نوعين من الخلائق؛ نوع أسمى منه وأعلى وهم الملائكة الكرام محّضهم الله لطاعته وخلّصهم لعبادته فهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون. ونوع أدنى منه وهو الحيوان البهيمي.
• الملائكة كلفهم الله بالتكاليف ولم يمتحنهم بالشهوات، والبهائم لم يكلفها الله بالتكاليف وسلط عليها الشهوات، والإنسان جمع الله له الخاصيتين؛ خاصية الملائكة وخاصية البهائم، فخاصية الملائكة هي التكليف وهو مكلف، وخاصية البهائم هي تركيب الشهوات فهو صاحب شهوات، فإذا أدى التكاليف ولم يتبع الشهوات التحق بالصنف الأسمى وهو الملائكة الكرام، وإذا ضيع التكاليف واتبع الشهوات التحق بالصنف الأدنى وهو البهائم.
• الدين جاء لينظم للإنسان حياته في هذه المنزلة؛ بين منزلة الملائكة الكرام ومنزلة الحيوان. وأعطاه كل ما ينال به رغباته، فلولا الدين لكان القوي يصل إلى رغباته بالإكراه والغصب، والضعيف يحتال على رغباته بالسرقة أو نحو ذلك. فجاء الدين لينظم هذه العلاقة ويعطي لكل إنسان حقه المشروع.
• الشرع جاء لتنظيم أحوال الناس وترتيبها لم يأت بأي شيء يؤدي إلى نزاع أو فرقة بل جاء بخلاف ذلك، فالنزاع والفرقة أمر مرفوض في الدين والله جل جلاله جعل ذلك ضربا من ضروب العذاب، فقال: " قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ" (الأنعام، من الآية:65 ).
• وجعل الاختلاف منافيا للرحمة، فقال: "وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ"ن وجعل المختلفين في أمر الدين لا علاقة لهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ( الأنعام 159).
• وجعل التفرقة مظهرا من مظاهر الشرك، فقال: " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (الروم الآية 30-31).
• خلاصة التعاريف:
• المفهوم الأول: مفهوم التدين ولا بد أن نفهم التدين في إطاره الصحيح، وأن معناه الاستسلام لأمر الله جل جلاله، والانقياد لأوامره والاجتناب لنواهيه، والانسياق في منهجه الذي نظم به شؤون الناس.
• المفهوم الثاني: مفهوم العبادة؛ والعبادة ليست أن تذل نفسك ولا أن تحتقرها ولا أن تهون عليك، بل العبادة هي التي تسمو بها وترتفع وترقى، فالكثير من الناس يفهمها على أنها إكراه لك، والله تعالى يقول: "لا إكراه في الدين"، أو أنها تكليف بالأعمال الشاقة والتكاليف الصعبة وهذا غير صحيح فهذه العبادات هي إرضاء لخاطرك وهي السعادة لباطنك، يقول الفضيل بن عياض: " لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف".
• المفهوم الثالث: مفهوم الاستخلاف في الأرض؛ فمن المعلوم أن الله خلقنا لحكمتيْن إحداهما خاصة بنا وهي الاستخلاف، والثانية مشتركة بين الإنس والجن وهي العبادة، فالمشتركة بين الإنس والجن يقول الله فيها: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدوني"، والنفيُ هنا ليس حاصرا لأن كثيرا منهم لم يعبد أصلا، أما الثانية فقد أخبر الله بها ملائكته وآدم منجدل في طينته فقال: "إني جاعل في الأرض خليفة..".
• والاستخلاف في الأرض معناه أن الله جعل الإنسان نكتة العالم خلق له ما في الأرض جميعا، إما اعتبارا وإما انتفاعا وإما اختبارا.
• هذه المفاهيم إذا أدركناها وعرفناها وعرفنا مسؤوليتها وعرفنا من نحن ولماذا أتينا هنا فحينئذ لا يمكن أن نرضى لأنفسنا بالضياع، ولا يمكن أن نرضى لها بأن تتبع الهمم الدنية بل لا بد أن ترتفع هممنا وأن تتعلق بما عند الله جل جلاله، وأن تسموّ أنفسنا عن مجرد الفوارق الدنيوية الموقوتة.
• محاضرة ذات قيمة علمية وفكرية عظيمة ندعوكم لمتابعتها كاملة.
- القسم: الفكر الإسلامي
- تحميــل
- المشاهدات:11402
بحث في المواد المقروءة
آخر تحديث للموقع: الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54