شروط النجاح في العلم والعمل


محاضرة بعنوان : شروط النجاح " في العلم والعمل " استهلها الشيخ – حفظه الله – بحمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وجاء فيها : أن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الحياة دار امتحان كما قال تعالى " ونَبْلوكم بالشر والخير فتنةً وإلينا ترجعون ". وحياة الإنسان فيها كل يوم غدو ورواح إلى الموت والدار الآخرة . وهو تاجر فإما رابح وإما خاسر ؛وقد بين الله إحاطة الخسران في الأصل بالإنسان ولا يخرج من ذلك إلا من جمع الخصال الأربع التي في سورة العصر :( والعصر إن الانسان لفي خُسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). وقد كلف الإنسان في هذه الحياة بتكاليف تستغرق وقته وأكثر ، وتتعدد مجالات التكليف وجوانبه فلا يقوم بأمر الله إلا الموفقون ؛ومن هنا كانت الهداية اختيارا ربانيا ونور ا يقذفه الله في قلب من شاء من عباده كما قال تعالى ( ولكن جعلناه نورا نهدي من نشاء من عبادنا ). وأعظم النجاح : الفوز برضى الله والنجاة من النار . والنجاح في هذه الدار يشمل الوظائف الأربع التي ذكرت في سورة العصر؛ فأول ذلك النجاح في العلم ... طرف من فضل العلم وطلبه ..وأن الحرص على الاستزادة منه كل يوم تطلع فيه الشمس خلق من أخلاق النبوة لأن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ( وقل رب زدني علما). وطلب العلم مرتبة عالية من مراتب جهاد النفس ؛فإن النفس تحب الركون إلى الراحة. والعلم مكلِّف وشاق ويقطع الإنسان عن الاسترسال في الشهوات وعن كثير من أغراض الدنيا وحظوظها . وتلقي العلم مما ينفع الله به في الدنيا والآخرة ولو كان علما دنيويا إذا صدقت النية . ولا بد لكل مسلم من تعلم فروض عينه والحرص على أن يكون له زاد من العلم الشرعي. والنجاح في طلب العلم أساسه استغلال الوقت ومراجعة الطالب لما قرأ والمذاكرة لما درس . ومما يعين على ذلك : 1 تنظيم الوقت وهو أمر يساعد عليه في المدارس النظامية ما فيها من حصر المقررات ومواعيد الامتحانات فيوزع الطالب وقته بين مراجعة الدرس في كل يوم وتلخيصه وحفظ ما يحتاج إلى الحفظ منه ، وجمع المعلومات لمعرفة المتناقضات والاشكالات التي ترد أثناء التدبر والتفهم ؛فالإشكال علم وقد قيل : النيل بعد اليأس أبلغ في النفس. أما التعليم المحظري فإن تنظيم الوقت فيه يحتاج إلى همة و تحمل ورغبة في التجديد فنظام الوقت المفتوح فيها، وغياب الامتحانات، والطول الحاصل في بعض المتون والنصوص.. كل ذلك جعل الطالب المحظري في الغالب يمشي الهوينى ولا يشعر بتحدٍّ كبير في الوقت وربما قضى 28 عاما ثم تكون حصيلة هذه الفترة نصوصا ومتونا محدودة فاحتيج في التعليم المحظري إلى إحياء قيمة الوقت واستغلاله ، ومما يعين على ذلك توسيع مفهوم الدراسة للمتون ليشمل العناية بالشرح والاستدراك .. واستحضار الأدلة ..و الإلمام بالفقه المقارن وغير ذلك مما ينطبق على كل فن بوجه من الوجوه ، وكذا إحياء الفنون المهجورة مثل علوم القراءات والحديث .. 2 الإخلاص في الطلب وقصد وجه الله ؛فبه تُطوى المراحل وتُختصر المسافات وتحصل الخوارق في الحفظ...فمن كتب الله لهم الخلود في ديوان العلماء من الأئمة والمجددين إنما أعينوا على ذلك بالإخلاص والصدق مع الله. 3 ان يستغل الطالب ما آتاه الله من الوسائل والطاقات ...(إن السمع والبصر والفؤاد كل ألائك كان عنه مسؤولا ). وليحذر الطالب من الكسل ومجاراة النفس في الراحة " فلا ينال العلم براحة الجسم " ، كما يحذر الإسراف في المأكل والمشرب " فالبِطنة تذهب الفطنة". 4 تعليم العلم وتبليغه والعمل به ..وهو مما يفيد الطالب دربة وكفاءة ؛فكثير من الضعف والخوف منشؤه من عدم الممارسة ،كالخوف من الإلقاء والخطابة فما هو الا عقدة نفسية سرعان ما تزول بالإقدام وتختفي بالفعل والتجربة . وليراع طالب العلم التدرج فهو سنة كونية ؛واحترامه في مراتب العلم ودرجاته من آكد شروط النجاح...فالعلوم مراتب ودرجات ..ولأهل العلم مناهج موضوعة لذلك وإن كانت تختلف باختلاف الأشخاص والبلدان والأحوال ..والخطوط العريضة لذلك أن يعلم الطالب أن العلوم تنقسم إلى قسمين كبيرين : علم مقاصد وعلم وسائل... فعلم المقاصد هو علوم الوحي . وعلم الوسائل هو ما يفهم به الوحي مثل اللغويات مطلقا والمصطلحات.. والعلوم سلالات ؛ فكل مجموعة منها بينها رحم وتقارب يكمل بعضها بعضا فتدخل تحت عنوان "علوم القرآن " مثلا ستة علوم أو سبعة يجمعها أصل واحد هو القرآن ..وكذلك علوم الحديث ..وهكذا.. ويشترط في بعض العلوم أن يدرسها الطالب بعد التمهيد لها والتهيئة بعلوم أخرى كما تقدمت الإشارة إليه "في التدرج" مثل التمهيد لعلم البلاغة بعلم النحو. ومن المبادئ التربوية التي عرفتها مناهج التربية الإسلامية واختَصت بها ما يسمي في اصطلاح الفنون "بالمقدمات العشر" لكل علم من العلوم وهي ترتيب عقلي مهم وثقافة مفيدة ..ولو لم يعرف الطالب عن علم من العلوم إلا هذه المقدمات العشر لكان مشاركا فيه. وأما العمل فللنجاح فيه كذلك شروط فإما أن يكون عملا دينيا أو دنيويا؛ فالعمل الديني ينقسم إلى قسمين : عبادات عينية ،وعبادات كفائية.. فالعبادات العينية يشترط للنجاح فيها العلم ..واداؤها بإخلاص وحضور قلب. والجانب الكفائيُّ يحصل النجاح فيه بزيادة الأجر والحرص على المضاعفة ، وتنويع أبواب الخير.. وكل باب له آداب وشروط للنجاح فيه. والدعوة إلى الله فريضة تحتاج إلى إعمال شروط النجاح وهي من العبادات الشاقة على النفس ومن تلك الشروط : الإخلاص ،والبصيرة ،ومعرفة الواقع ،وطول النفس، والبناء على ما قام به المصلحون وما أسسوه من بنيان الإصلاح؛ فالدعوة جهد تراكمي مشترك:" على بصيرة أنا ومن اتبعني " وهي كذلك تأسيس على الموجود من الخير وإقرار بما في المجتمع والبيئة من الصلاح والأخلاق الحسنة ، ومن ذلك حسن الأسلوب ومناسبته للحال في الرفق والشدة. وما يسميه الداعي فضيلة القاضي التقي ولد محمد عبد الله :" غلاف البيئة " ويعني به أن يكون من أوعية الدعوة ما تعود الناس عليه من الأساليب كالأدب الحساني والفصيح ..فمن تجاوز هذه الأغلفة كان كمن يقشر الجلد فنحتاج إلى الحفاظ على بعض غلاف البيئة ... وقريب من هذا ما كان يسميه المحدثون "الإحماض" وهو ختم دروس الحديث بالأشعار والمُلح .



بحث في المواد المقروءة

آخر تحديث للموقع:  الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54 

اشترك في القناة

فقه الحج

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

إحصائيات

المتصفحون الآن: 222 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow