وقفات مع سورة الحجرات ـ الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم
محاضرة ألقاها فضيلة الشيخ: محمد الحسن ولد الددو في مسجد الرضوان ب"بوحديدة "26 جمادى الاخير 1435هـ الموافق 26 ابريل 2014مـ
وقد جاء فيها بعد الافتتاح :
• أن الله سبحانه وتعلى لما خلق الخلق لم يتركهم سدى؛ وانما اقام عليهم الحجة وانار لهم المحجة، وارسل اليهم الرسل مبشرين ومنذرين، وقفّي علي آثارهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه كتابا معجزا "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا منْ خلفه تنزيل مِّن حكيم حميد".
• وقد فصل الله فيه لعباده ما يرتضيه من العقائد والعبادات والمعاملات والاخلاق.
• وقد نظم الله في هذه السورة التي هي موضوع مدارستنا اليوم شأنَ العباد فيما بينهم .
• ذلك ان أحكام الشرع التي جاء بها رسول الله صلي الله عليه وسلم من عند الله تنقسم إلى اربعة اقسام:
• القسم الأول موجه إلى الفرد؛ فيستطيع الفرد إقامته في خاصة نفسه كطهارته وصلاته وصومه وحجه
• والقسم الثاني موجه إلى الأسرة لا يستطيع الفرد إقامته في خاصة نفسه وإنما تقيمه الأسرة التي يتراضى طرفاها على إقامته
• والقسم الثالث موجه إلى المجتمع ليس من شأن الفرد ولا من شأن الأسرة وهو مختص بالمجتمع كأحكام الضيافة والمجاورة والدعوة ونحو ذلك
• والقسم الرابع موجه إلى ذي السلطان والقوة كجهاد العدو وإقامة الحدود وفض النزاع.
• وهذا القسم الموجه إلى المجتمع هو الذي تناولته هذه السورة الكريمة فقد ابتدأها الله بحق أَوْلى العباد بأن يؤدّى حقه وهو محمد صلى الله عليه فمن حقه على جميع عباد الله أن يحترموه ويوقروه ويعزروه ويحترموه وأن يمتثلوا لأمره فقد جعله الله أشرف العباد.
• ومن حقه تمام الادب معه ..
• وذلك ما بينه الله في هذه السورة :
• "يايها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله" الآيات.
• فلا بد لكل مسلم ومسلمة من امتثال كل ما جاء به من عند الله وان لا يُرَدّ منه شيء كما قال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما".
• ومقتضيات شهادة أن محمدا رسول الله ثلاثة امور:
• الامر الاول: أن يصدق في كل ما أخبر به فمن ردَّ عليه شيئا مما أخبر به او كذبه في كلمة واحدة فقد كفر بالله العظيم كفرا أكبر مخرجا من الملة .
• فثبت له صلى الله عليه وسلم بمقتضي شهادة أن محمدا رسول الله أن يصدق في كل ما أخبر به سواء أدركه عقل الانسان واستوعبه أو لم يدركه ولم يستوعبه ،فاذا لم يدركه عقلك فليس النقص فيما جاء به النبي صلى الله عليه وإنما هو في فهمك.
• إذ لا يمكن أن يأتي شيء مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مخالفا للفطرة الصحيحة والعقل السليم .
• والمقتضى الثاني : هو أن يطاع في كل ما أمر به فكل أمر أمرك به عليك أن تبادر له ولا تتأخر عنه قال تعلى: "وما أرسلنا من رسول إلا ليُطاع بإذن الله".
• وهذه الطاعة قد يأتي فيها الامتحان والابتلاء ولكن الإنسان إذا بادر إلى الطاعة نجح في الامتحان فإبراهيم عليه السلام امتحنه الله في ذبح ولده فبادرَ فجعل الله له مخرجا" وفديناه بذبح عظيم"
• والرسول إذا أمرنا بأمر فلمصلحتنا فالرسول صلى الله عليه وسلم "أولى بالمؤمنين من أنفسهم"
• والمقتضى الثالث : أن لا يعبد الله إلا بما شرع:
• فلا يمكن أن يتقرب إلى الله إلا بما شرع؛ فليس لأمة من الأمم أن تتجاوز ما جاء به رسولها ويجب علينا في عبادتنا أن نكون وقافين عند ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال (خذوا عني مناسككم) وقال: (صلوا كما رأيتم وني أصلي).
• فمن أراد رضوان الله والجنةَ فعليه أن يلزم ما جاء به النبي صلى الله وسلم ولْيتقيّد به ولا يعدُه يمينا ولا شمالا
• وهذه الحقوق الثلاثة قد أجملها الله في قوله: "يا أيها الذين ءامنوا لا تُقدموا بين يدي الله ورسوله".
• ومن تمام تأكيده لحق النبي صلى الله أنه بدأ بنفسه فقال: "لا تقدموا بين يدي الله" لأن أصل الكلام التنويه بحق النبي صلى الله عليه وسلم.
• ولو جاء على مقتضى الحال فقط لقال لا تقدموا بين يدي رسول الله ولكن أراد تعظيم ذلك الأمر ورفع درجته لذلك قال لا تقدموا بين يدي الله ورسوله"، والرسول لا يأتي بشيء من عند نفسه، ف"ما ينطق عن الهوى"، "ما كذب الفؤاد وما رأى".
• ولما كان الادب مع رسول الله ينقسم إلى قسمين:
1- إلى مرحلة ظاهرة: وهي الأدب الظاهر بالأفعال والأقوال.
2- وإلى مرحلة خفية: وهي الأدب بالقلب والنية.
• بدأ بالأولى وهي الظاهرة فقال: "لا تقدموا بين يدي الله ورسوله" .
• ثم أشار إلى الباطنية فقال "واتقوا الله إن الله سميع عليم":
• سميع في الأمور الظاهرة عليم بالأمور الباطنة الخفية وكل ذلك معلوم عنده سبحانه.
• و من الأدب معه صلى الله عليه وسلم عدم رفع الصوت عليه وذلك قوله تعلى: "يأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيء"
• والصوت لا يقصد به مجرد كلامه صلى الله عليه وسلم حيا بل يشمل الحديث المروي عنه ولذلك فان الترمذي لما ألف كتابه السنن قال (من يوجد في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم).
• ولما نهى الله عن كل ما ينافي الادب مع رسوله الكريم، ذكر الخلق الحسن الذي يجب على المسلم أن يلتزم به مع ذي الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم فقال جل من قائل: "إن الذين يغُضُّون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى".
• وقد صغت الى هذا الامر قلوبُ المؤمنين والمؤمنات فظهرت فيهم نماذج من المحبة والتوقير وتحرِّي الادب الكامل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• هذا مالك امام دار الهجرة يبلغ به توقير رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يلبس النعل في المدينة ولم يكن يحدث بحديث رسول الله في الطرقات.
• والأدب مع رسول الله يقتضى الأدب مع أهل بيته وآلـه فان الله قد اختارهم لرسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك حفدته ، وورثته من العلماء والدعاة المبلغين عنه.
• وتابع الشيخ – حفظه الله- السير في ظلال السورة مبينا:
• أن الفوضى والخلاف مظهر من مظاهر الشرك كما قال تعلى: "إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شِيعا لست منهم في شيء"؛ فبين براءة الرسول الله صلى الله عليه وسلم من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا فقال: "لست منهم في شيء".
• إذ الخلاف سبب للهزيمة كما قال الله "ولا تنازعوا فتشلوا وتذهب ريحكم".
• لذلك جاءت أوامر الله بوحدة الكلمة ووحدة الصف والتعاون على البر والتقوى.
• وجاء الخطاب إلى هذه الأمة بثلاثة عشر سببا من أسباب التفرق والخلاف حرمها الله جميعا في هذه السورة.
• منها: التصرف على غير تثبت ؛ فمن نُقل إليه خبر أو سمعه وتصرف على أساسه ولم يتبين فيه ولم يتثبت فإنه سيصيب قوما بجاهلة وعجلة فيندم لذلك بعد فوات الاوان .
• لذلك أدب الله المؤمنين بهذا الادب فقال تعلى: "يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا...".
• وفي المحاضرة جملة من التفسير والمباحث اللغوية الشيقة والوقفات التربوية ،اختتمها الشيخ بحرمة التفاخر بالانساب وهو مقتضي قول الله تعلى :"إن أكرمكم عندالله أتقاكم ".
• ندعوكم لمتابعة النص الكامل للمحاضرة.
- القسم: التفسير
- تحميــل
- المشاهدات:14971
آخر تحديث للموقع: الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54