حقوق المرأة 3


• يتواصل الحديث في هذه الحلقة عن موضوع حقوق المرأة3 ويختص بتناول الحقوق الزوجية للمرأة ويبدأ المُحاور هنا بطرح أسئلته في الموضوع. • هل للولي أن يعضل موليته؟ وإن رأى أنه زوج غير صالح؟؟. • حرم الله العضل في كتابه فقال تعالي: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ". وقال: " فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ". والعضل معناه منع المرأة من الزواج، ولكنه لا يثبت ولا يتحقق إلا برد ثلاثة خطاب عند جمهور الفقهاء، والعضل إنما يقصد به الرد المتكرر، والرد مرة أو مرتين إذا كان على أساس مصلحتها كأن تكمّل دراستها أو تأخذ عقلا ودينا أو تجربة فلا حرج في مثل هذا الرد.ولا يحصل الرد إلا بثلاثة. • هل القوامة خاصة بالزوج على زوجه أم على كل النساء في إطار الأسرة؟؟. • لا بد أن يدرك الرجل في بيته أنه مسئول عن رعيته، وليس مسئولا فقط عن رفاهيتهم وسلامتهم الدنيوية بل هو مسئول عن رفاهيتهم الأخروية وسلامتهم من عذاب الله وسخطه، فلا بد أن يرعاهم هذه الرعاية ولا بد أن يتذكر أن أول من يخاصمهم يوم القيامة هم أهله. وآية القوامة جاءت في أمر الزواج، لكن الولاية للأب والأخ والجد.. فالقوامة هي مسؤولية وعبئ مثل الإمارة تماما، وما من مؤسسة ولا جماعة يمكن أن تصلح وتستقيم أمورها إلا براع، والأسرة شركة فلا بد فيها من قائد وهذا القائد عينه الله سبحانه وتعالى في شخص الزوج. • هل طاعة الزوج في هذه القوامة مطلقة فيما هو مباح؟ أو هي طاعة خاصة في أوامر الزوجية والبيت وحقوق الأبناء وما إلى ذلك؟؟. المرأة شريكة في هذه الأسرة يجب عليها طاعة الزوج والقيام بما يأمر به مما هو مباح وهي طاعة مؤكدة لأنها حق ناشئ عن عقد، لأن من مترتبات عقد الزواج وجوب الطاعة بالمعروف. • لا بد أن ننظر إلى الأوامر كلها أنها داخلة في نطاق الالتزام، والالتزام قسمان: • التزام ديني والتزام تنظيمي؛ فالالتزام الديني هو طاعة أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو متدرج منه أوامر على سبيل الوجوب المضيق، ومنه أوامر على سبيل الوجوب الموسع، ومنه أوامر على سبيل السنية والندب ومنه أوامر على سبيل الإرشاد فقط. • الالتزام التنظيمي: مثل طاعة الوالد وطاعة الزوج وطاعة مدير الشركة وغيرها فهذه كلها أمور تنظيمية والالتزام فيها التزام تنظيمي وهي مأمور بها شرعا، لأنه ما من نبي إلا وقال في نذارته: "فاتقوا الله وأطيعون"؛ "فاتقوا الله في الالتزام الديني"، و"أطيعون" الالتزام التنظيمي". • الالتزام التنظيمي أيضا منه أوامر على سبيل الوجوب المضيّق ومنه ما هو على سبيل الوجوب الموسع ومنه على سبيل السنية والندب ومنه أوامر على سبيل الإرشاد. • إذا أمر الزوج زوجته فمن المعروف أن ما يأمرها به منه ما هو واجب لا يقبل النقاش وإذا لم تفعله غضب عليها فهذا يجب عليها المبادرة إليه وهذا مثل الواجب المضيق، ومنه ما يكون واجبا موسعا تفعله متى ما قدرت، ومنه ما يكون على سبيل الاستحسان والإكمال ومنه ما يكون إرشادا فقط. • هناك أمرين للتذكير خارج الموضوع لكنهما نتيجة تدبر في الليالي الماضية لأن فيهما فائدة بما يتعلق بتصرفات النبي صلى الله عليه وسلم، أحد الأمرين أنه: • من تمام رحمته صلى الله عليه وسلم أنه لم يجر الله على يديه قتل أحد من الكفار إلا أبي بن خلف وحده وذلك من تمام الرحمة ولذلك هو يقاتل في المشاهد وهو أشجع الناس ويكون في المقدمة دائما كما في حديث علي "كنا إذا التقينا العدو اتقيناهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الله جعله رحمة ولم يجعله عذابا، فقال: " وما أرسلناك إلا رحمة للعاملين"، فما باشر قتل أحد إلا أبي بن خلف، وشر الناس من قتل نبيا أو قتله نبي، وأخبره بذلك وكان ذلك معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم كما أن صورة قتله كانت رحيمة لأن ضربته له كانت في ترقوته فمات بسببها. • والأمر الثاني: أنه لم يباشر بيع شيء فلم يرو أن النبي صلى الله عليه وسلم باع شيئا قط، لكنه اشترى، من تدبري لهذا في الليلة الماضية أنه من سخائه وجوده وكرمه، والله تعالى رباه على ذلك فقال: " وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (28) وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (29) (الإسراء). فلم يباشر البيع بسبب سخائه وكرمه إذا علم رغبة أي أحد في أي شيء لديه أعطاه، كما في حديث جابر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ما سئل شيء قط فقال لا، إن كان عنده أعطى وإلا رد بميسور من القول. ووجه الاستدلال هنا أنه أيضا في المراجعة من شدة رحمته بعباد الله لا يحب أن يحرم عليهم شيء، ولا أن يفرض عليهم شيء بسبب المراجعة، فإذا سألوه وراجعوه خشي أن يفرض عليهم الأمر فيظهر الغضب عليه رحمة بهم خوفا عليهم شدة التشريع كما وقع لبني إسرائيل. • يعرف اليوم في القوانين القضائية ما يسمى ببيت الطاعة، حيث تساق الزوجة إلى بيت زوجها إذا قيل أنها نشزت بالقوة، فمثل هذا التقنين هل له أصل شرعي؟؟. • نعم، فبالنسبة للمرأة إذا هربت على زوجها وخلعت طاعته فهي آثمة إثما مغلظا، تلعنها الملائكة ولذلك لا بد أن ترد عليه ولا بد أن تأدب على ما اقترفته من هذه الجريمة. • هل الخلع حق للمرأة لا ينفك عنها متى ما أرادت أو كرهت زوجها؟؟. • المرأة لا يحق لها أن تطلب الطلاق إلا من ضرر، فإذا أصابها ضرر من زوجها سواء كان هذا الضرر مقصودا للزوج كما إذا سبها أو سب والديها أو شتمها أو فيه ضرر في خلقته تتأذى منه أو كان ضررا غير مقصود أصلا كما إذا كان منقطعا عن الولادة وكانت هي محتاجة إلى الأولاد فلها الحق حينئذ أن تسأل الطلاق وإذا امتنع منه فلها الحق في الخلع. • حق الولادة؛ هل هو حق للمرأة لا يجوز للزوج أن يمنعها منه؟؟. • إذا اتفق الزوجان معا على تأخير الحمل لسبب من الأسباب فلهما ذلك، فيعملان الأسباب المعروفة ومنها العزل، كما في حديث جابر: "كنا نعزل والقرآن ينزل"، وإذا طلب أحدهما ولم يوافقه الثاني فهو حق مشترك فليس لأحدهما أن يمنع الآخر. • هل يجوز للزوج أن يشترط في حق النكاح أنه لا يريد ولادة؟؟. • لا يشترط هذا النكاح، وإذا شرط بطل الشرط وصح النكاح لأن هذا ليس في أيديهما فقد سبق شرط الله شرطه. ولذلك فالمعتبر في هذا أن يتفقا فيما بينهما على التأخير، أو استعمال بعض الأسباب المانعة من الحمل فقط. • لماذا جاء التأكيد على رؤية الخاطب للمخطوبة دون العكس؟؟. • لأن العكس كان أصلا موجود، فالرجال كان لباسهم قليلا، ولم يكونوا يتسترون كثيرا فتبدوا رؤوسهم وأطرافهم وحتى ركبهم، فلم يكن هذا مطروحا. • لماذا التشديد في حق الزوج في الفراش ؟؟. • المقصود من الزواج حصول العفة من الطرفين فإذا امتنعت المرأة من إعفاف زوجها فهذا سبب لكثير من الفتن والمشكلات ولذلك جاءت فيه هذه الأحاديث الكثيرة. والزوج إذا منع الزوجة حقها فهو آثم لكن ليس عليه من التشديد ما عليها، لأن داعي المنع يكون غالبا من جهة المرأة. • هل للمرأة أن تشترط حق الشورى في الطلاق؟؟. • لا يحق لها ذلك، لأن الطلاق جعله الله بيد الرجل " الطلاق بيد من يرفع الساق". • هل للزوجة أن تشترط على زوجها عدم التعدد في العقد؟؟. • سئل مالك في الموطأ، قال: باب ما لا يلزم من الشروط، وذكر أن سعيد بن المسيب سئل عن المرأة تشترط على زوجها أن لا يخرج بها من بلدها أو لا يتزوج عليها، فأفتى بأن ذلك ليس بشيء. قال مالك: إذا شرطت المرأة على زوجها أن لا يتسرر عليها وأن لا يتزوج عليها فإن ذلك ليس بشيء ولو كان عند عقدة النكاح إلا إذا ارتبط ذلك بيمين بالطلاق كأن حلف بمين بالطلاق فيلزمه ما حلف عليه إن لم يحُلّ يمينه بكفارة قبل الحنث، فإن حل يمينه بكفارة قبل الحنث فلا يلزمه ذلك. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير، وعلى هذا فالشروط عموما في النكاح كشرط أن لا يتزوج عليها وشرط أن لا سابقة ولا لاحقة أو نحو ذلك، فهذه الشروط من العلماء من يرى تحريمها مطلقا ويرى بطلان العقد بها إذا جعلت فيه ويرى عدم جواز الوفاء بها ويستدلون بعدد كثير من النصوص منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مئة شرط" وكذلك قال عمر: " سبق شرط الله شرطها" وكذلك روي عن علي رضي الله عنه إبطال الشروط في العقود وعن عدد من الصحابة في هذا القبيل، ورأى آخرون أنه قد يكون مصلحة للمرأة واستدلوا بحديث فاطمة عندما أراد علي أن يتزوج ابنة أبي لهب فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبته، ولكن هذه الخطبة خاصة بفاطمة فقال: "ما كان لرجل أن يجمع بين ابنة نبي الله وابنة عدو الله ، وهذا عند فاطمة فقط لأنها ابنة رسول الله (ص) وبضعة منه وهي سيدة نساء العالمين ولا يمكن أن يقاس عليها. • هنا أمر مهم وهو أن الفقهاء تقريبا في المذاهب الأربعة جمهورهم متفقون على عدم لزوم الوفاء بهذه الشروط إلا الحنابلة فهم يؤكدون على هذا الشرط ويستدلون بحديث أخرجه البخاري في الصحيح وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"، وهذا الحديث أخرجه البخاري في عدد من المواضع في صحيحه بألفاظ متقاربة ولكن الذي يتضح من دلالته وهي المحامل التي ذكرها ابن حجر منها أن يكون المقصود الشروط التي يلزم الوفاء بها كشرط النفقة والسكنى والقوامة أو شرط إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان أو أن المقصود بالشروط العقود وهذا الذي أرجحه، لأن الشرط يطلق على العقد وأحق العقود أن يوفى به هو عقد النكاح، لأن الشروط ليست هي التي تستحل بها الفروج، وإنما استحلت الفروج بالعقد لا بالشرط. • والذي يترجح من هذا أن عقد النكاح هو آكد العقود لأن الله سماه ميثاقا غليظا. • قال مالك: الشروط ثلاثة في العقود؛ - شرط ينافي العقد فهو باطل ومنه ما يبطل العقد، - وشرط يستلزمه العقد أصلا فهو ماض سواء ذكر أم لم يذكر. – وشرط لا يستلزمه ولا ينافيه، فهذا إذا كان مصلحة لأحد العاقدين فهو معتبر، والحنابلة والشافعية أخذوا بهذا التفصيل لكنهم زادوا أن لا يتعدد الشرط؛ قالوا لا بد من شرط واحد ولا يزيد، والحنفية عند هم أن الشروط مطلقا ممنوعة لأن العقد لا يقبل التعليق، وبالأخص عقد النكاح وعقد البيع فهما لا يقبلان التعليق. • في نهاية الحلقة أجاب الشيخ على استفتاءات بعض المتصلين على البرنامج في مواضيع مختلفة. • حلقة متميزة تناقش الكثير من الأحكام الفقهية في حقوق المرأة؛ ما لها وما عليها، ندعوكم لمتابعتها كاملة.



آخر تحديث للموقع:  الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54 

اشترك في القناة

فقه الحج

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

إحصائيات

المتصفحون الآن: 126 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow