حقوق المرأة 2


• يتواصل الحديث في هذه الحلقة عن موضوع حقوق المرأة ج2 ويختص بتناول الحقوق الاجتماعية للمرأة ويبدأ المُحاور هنا من حق المشورة، فهل للمرأة الحق أن تستشار في أمور البيت وفي أمور الدولة وان تكون لها عضوية في مجالس الشورى على مستوى المؤسسات والجماعات الإسلامية والحركات والدول أو لا؟؟. • لقد سبق في التأطير أن بينا أن المرأة من المسلمين وأنها مثل الرجل في الأحكام وبالأخص الأحكام التعبدية الخاصة فلا فرق بينها وبين الرجل فيها وبينا كذلك أن الحقوق الإنسانية العامة هي فيها مثل الرجل، وأن الفوارق بينهما إنما هي فيما تكون المصيبة فيه بالرجل أكبر كما يتعلق بالدية والميراث. وذلك هو العدل بعينه. • وبالنسبة للمشورة، فالشورى هي أسلوب المسلمين في التعايش والتعامل وفي الحكم وفي معرفة الرأي الذي يأخذون به فيما لم يحسمه الشرع، فالمرأة لا بد أن تُشاوِر ولا بد أن تُشاوَر، لذلك يُشاور النساء في الأمر العام في اختيار الخليفة وفي السياسات العامة للدولة، وكثيرا ما يأتي رأيهن موفقا في العهد النبوي، كاستشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة في قضية الحديبية وكذلك استشارات عمر لحفصة واستشارة ابن عوف الذي كان يدخل على العذراء في خدرها وهكذا.. • من الحقوق الاجتماعية حق الانتقال والحركة بالنسبة للمرأة والسؤال الأول: الأصل في خروج المرأة من بيتها ماهو؟؟ هل هو الإباحة إلا أن يكون خروجا غير مناسب أو الأصل الحظر إلا أن تكون هناك حاجة؟؟. • بالنسبة لحرية التنقل فهي من حقوق البشر عموما رجالهم ونسائهم فقد آتاهم الله هذه الأرض وأمرهم أن يسيروا في مناكبها وأن يبتغوا من فضله، فأصل الخروج مشروع إلا ما قيده الشرع، أما أمهات المؤمنين فلهم خصوصية في هذا الباب، فقد خاطبهم الله تعالى بقوله: "وقرن في بيوتكن" والمقصود أصلا السفر. • أما المرأة عموما فلا يجوز منعها من زيارة الوالدين وعيادتهما وحضور جنازتهما، وإن كان كثير من الفقهاء يذكر أنه من حق الزوج منعها، لكنه قطعا مخالف للإمساك بالمعروف الذي يقتضي أن لا تقطع المرأة من والديها ولا تمنعها برا. • شيخ الإسلام يقول: لا يحل للزوج أن تخرج من بيتها إلا بإذنه وإذا خرجت من بيتها بغير إذنه كانت ناشزا عاصيا لله ورسوله ومستحقة للعقوبة"، وابن قدامة يقول: "قال أحمد في امرأة لها أم مريضة طاعة زوجها أوجب عليها من أمها ولأن طاعة الزوج واجبة فلا يجوز ترك ما هو واجب إلى ما هو غير واجب ولا يجوز لها الخروج إلا بإذنه"؟؟. • نعم هذا كله مقيد بما إذا كان خروجها يغضبه مثل أن تكون له حاجة إليها أو لها عمل في بيتها أو لها حضانة لمن تجب عليها حضانته من الصغار او حتى حفظ بعض المال أو بعض الأمور التي بالبيت، إلا إذا عطلت هذه المصالح التي هي من حقوق الزوج فهي قطعا من أولى أولوياتها وهي مقدمة على غيرها وما عدا ذلك لا حرج فيه. • وبالنسبة للسفر فإذا كان ليلة أو أكثر فلا يحل لها أن تسافر إلا مع ذي محرم سواء كان زوجا أو غيره والسفر الذي يعطل مصالح الزوج أو يمنعه من الاستمتاع بها ونحو ذلك يحرم عليها إلا بإذنه. وللزوج أن يجبر زوجته بالسفر معه لأنها تابعة له ولا يمكن أن يؤدي حقها إلا إذا كانت معه. فقد قال عمر رضي الله عنه في المرأة التي شرطت أن لا يسافر بها زجها، قال: "شرط الله سبق شرطها". • حق البروز الاجتماعي؟ هل للمرآة حق أن تكون لها دور بروز في المجتمع وحق اللقاءات وتستضاف في القنوات أم أن هذا مخالف لطبيعتها وكينونيتها ؟؟. • لا ليس هذا مخالف لطبيعتها وكينونيتها لكن لا بد أن يكون مضبوطا بالضوابط الشرعية فسكينة بنت الحسين رضي الله عنهما كانت لها مجلس بالمدينة يرتاده الفقهاء والمحدثون والشعراء وكانت هي لا تبرز لهم لكنها تخاطبهم من وراء حجاب فتصحح الأخطاء وتعقد المناظرات بين الناس وتحكم للناجح منهم، ومجالس كثيرة للنساء من هذا القبيل وهذا كان معروفا في التاريخ الإسلامي وليس مانعا من احتشام المرأة. • ما ذا نصنع بقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل فاطمة أي شيء خير للمرأة فقالت أن لا يراها رجل ولا ترى رجلا فضمها إليه وقال: ذرية بعضها من بعض؟؟. • بالنسبة لهذا فهو الخير، لكن الخير ليس واجبا دائما والخير هنا معناه ما هو ورع وزيادة في الطهر كما كانت عليه فاطمة رضي الله عنها فما رآها أحد من أهل المدينة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم. • جل المسائل التي تدور حول حركة المرأة الاجتماعية تعلق بمسألة الفتنة، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : "ماتركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء وإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء..إلى آخر ذلك"، إلى أي حد هذه الفتنة مقيدة بحركة المرأة؟؟. • بالنسبة للفتنة تخاف منها المرأة ويخاف منها الرجل، وهي خوف حاصل ولا بد أن يحذره الجميع فكلاهما عرضة لأن يفتن، فلا أبد أن يسأل الله الثبات ومن ذلك الفتنة في النساء وأكثرها من قبل النظر وقد جمع ابن القيم الكثير من اللطائف في هذا، ومنها: • كـل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر. • كم نظرة بلغت في قلب صاحبها *** كمبلغ السهم بين القوس والوتر. • والعبــد ما دام ذا طرف يقلبه *** في أعين العين موقوف على الخطر. • يسـر مقلته ما ضـر مهجـته *** لا مـرحبا بسرور عاد بالضـرر. • كذلك قوله: • و إنّكَ إِنْ أرسَلْتَ طَرْفُكَ رائِدا *** لِقَلْبـِكَ يَوماً أتْعَبَتْكَ المَنَاظِرُ. • رأيْتُ الّذي لا كُلَهُ أنْتَ قاَدِرٌ ***عَليهِ، ولا عَنْ بَعْضِهِ أنتَ صَابِرُ. • وعمرو بن العاص رضي الله عنه يقول: • إذا المرء لم يتركْ طعاماً يُحِبُّـهُ *** ولم يَنْهَ قلباً غاوياً حيث يمما. • قضى وطراً منه وغادر سُبَّةً *** إذا ذكرتْ أمثالُها تملأُ الفما. • فلا بد أن يحذر الإنسان من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يستعيذ منها وأن يمنع نفسه من الفتنة وما يقود إليها، كما قال أحمد شوقي: نظرة فابتسامة فسلام *** فكلام فموعد فلقاء. • الحقوق الزوجية للمرأة : 1- حق الرضا بالزوج؟. هل يجوز أن تزوج المرأة بمن لا ترضى، أو لها حق الاختيار؟؟. • الأصل أن الزواج حق شخصي ودور ولي المرأة المساعدة لا التحكم، ودليله أن الله تعالى نهى عن العضل وقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ"(من الآية 19. النساء). وكذلك قال: " وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ". والنبي صلى الله عليه وسلم قال: البكر تستأمر وإذنها صماتها والثيب تعرب"، وإذا أكرهها ولي على زوج وهو يعلم أنها ستحبه فلا بأس، لكن إذا أبت وامتنعت فلا بد أن يراعى هذا الحق ولها حينئذ أن ترفع الأمر، وقد ذكرنا قصة جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول لما اشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم كراهتها لزوجها وهو من خيرة الصحابة وهو خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن شماس وقالت له أنها تكره الكفر بعد الإيمان بمعنى أنها تكرهه كرها شديدا فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقها وأمرها أن ترد عليه الحديقة التي آتاها. • حديث النسائي عن عائشة أن فتاة دخلت عليها فقالت إن أبي زوجني ابن اخيه ليرفع بي عن نفسه خسيسته وأنا كارهة فقالت لها اجلسي حتى يأتي النبي (ص)، فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها فقالت: يا رسول الله قد أجزت ما صنع بي ولكني أردت أن أعلم هل للنساء من الأمر شيء، هل معنى هذا أن الأمر لها؟؟. • الأمر لها أن تتكلم ولذلك الحديث الآخر فيه أن المرأة التي جاءت تسأله عن من زوج ابنته من فقير هل لأمها أن تتكلم باسمها، قال: إني لأرى لك متكلما أي لكِ حق. يتواصل الموضوع في الحلقة الموالية.



آخر تحديث للموقع:  الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54 

اشترك في القناة

فقه الحج

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

إحصائيات

المتصفحون الآن: 244 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow