حقوق المرأة 1


• تتناول حلقة اليوم من برنامج مفاهيم 3 موضوع حقوق المرآة، يتوجه المُحاور إلى الشيخ في بداية الحلقة بطرح بعض القضايا الفكرية التأسيسية فيما يتعلق بحقوق المرأة، وكان أول سؤال طرحه المُحاور في هذا السياق هو: هل الأصل في الخطاب التكليفي- الموجه للبشر عموما – المساواة بين الرجل والمرأة أو الاختلاف بينهما؟؟. • إن نسبة جميع العباد إلى الله واحدة وهي العبودية وهم جميعا عباد لله سواء كانوا ذكرانا أو إناثا كبارا أو صغار وهم مكلفون بالتكاليف التي كلفهم بها موعودون بالثواب الذي وعدهم به مُحذرون مما حذرهم منه متوعد من أساء منهم بالوعيد الذي وعد به، سيان في ذلك الذكر والأنثى والطويل والقصير والجميل والقبيح والأبيض والأسود فهذه فروق دنيوية لا اعتبار لها فيما يتعلق بالثواب والعقاب بل هي فروق مؤقتة بميقات الدنيا، وأما الآخرة فالناس فيها قسمان فقط: شقي وسعيد. ولذلك الخطاب الشرعي أربعة أقسام: • قسم موجه إلى الفرد في خاصة نفسه ذكرا كان أو أنثى كطهارته وصيامه، وهو الذي تقع فيه المساواة بالكلية بين الرجل والمرأة. • القسم الثاني موجه إلى الأسرة وهو موجه إلى الذكر والأنثى معا ولا يمكن أن ينفك عنهما، فلا يمكن أن يطبق هذا الخطاب إلا في أسرة لها طرفان هما رجل وامرأة وحينئذ كل له وظيفته ومنزلته؛ للرجال عليهن درجة في المجال الأسري داخل الأسرة. • القسم الثالث موجه إلى المجتمع كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والضيافة وأحكام الجوار وفروض الكفايات ونحو ذلك وهذه الرجل والمرأة فيها سواء لأن الخطاب فيها موجه إلى المجتمع كله، فكل من قام بهذا الفرض حصل له أجر الجميع وإن تركوه أثموا جميعا. • القسم الرابع موجه إلى ذي السلطان والقوة كجهاد العدو واستخراج خيرات الأرض والعدالة في توزيعها والعدالة بين الناس. • ما تعليقكم على كلام ابن حجر: " والنساء شقائق الرجال في الأحكام إلا ما خُص "؟؟. • هذا يقصد ما تعلق بالأسرة فللرجال عليهن درجة، وما كان متعلقا بالإمامة فهو مختص بالرجال. • وقول ابن رشد أن: "حكم الرجال والنساء واحد إلا أن يثبت في ذلك فارق"؟؟. • هذا هو المقصود بالفارق في هذا النطاق، هما فقط فرّقا ونحن فصلنا فنحن ذكرنا أن الأحكام الشرعية على أربعة أقسام.. • ابن حزم أيضا يقول: "ولا خلاف بين أحد من العرب ولا من حاملي لغتهم أولهم عن آخرهم في أن الرجال والنساء وأن الذكور والإناث إذا اجتمعوا وخوطبوا وأخبر عنهم أن الخطاب والخبر يردان بلفظ الخطاب والخبر عن الذكور إذا انفردوا ولا فرق، وأن هذا أمر مضطرد أبدا على حالة واحدة، فصح بذلك أنه ليس لخطاب الذكور خاصة لفظ مجرد في العربية غير اللفظ الجامع لهم وللإناث إلا أن يأتيّ بيان زائد". • هناك أربعة أمور: أحد اثنين في التذكير والتأنيث، وأحد ثلاثة في الإفراد والتثنية والجمع وأحد اثنين في التعريف والتنكير وأحد ثلاثة بالنسبة للاسم؛ الرفع والنصب والجر، هذا في النعت فإنه يطابقه في أربعة من عشرة وكذلك هنا الأصل في الاسم أصوله السبعة وهي: أن يكون مذكّرا منكّرا مفردا جاملا.. ولذلك لا تحتاج إلى علامة. فكل فرع يُحتاج فيه إلى علامة.. وابن حزم هنا يتحدث في مبحث لغوي وهو أن لفظ التذكير يستعمل مطلقا، فهو يطلق على الله جل جلاله وعلى ملائكته الكرام فلا يمكن أن يخاطب الله بخطاب مؤنث أبدا، فلا يعرف للتذكير علامة محددة في اللغة. • هل يمكن أن نقول ما قاله بعض المعاصرين أن الأحوال التي يقع فيها الخلاف بين الرجل والمرأة في الأحكام يلاحظ أن الذكورة والأنوثة في ذاتها ليس لها مدخل من حيث هي بل العامل المؤثر هو العوارض التي تعرض للمرأة أو تعرض للرجل أو الأحوال التي يكون كل منهما فيها؟؟. • هذا على تقدير أنه موجود لكن نحن نمانع أصلا في وجود هذا النوع فيما يتعلق بالأحكام الفردية لا فرق، لكن فيما يتعلق بالتنظيم العام للناس كما ذكرته من الافتراق كون هذه الوظيفة لا يصلح لها إلا رجل أو كون الرجل ديته ضعف دية المرأة فهذا ليس متعلقا بذات الشخص وإنما يتعلق بالأثر أو الضرر المادي والوظيفة التي يمكن أن يؤديها، كذلك في مقابله أيضا وظائف لا يمكن أن يشغلها الرجل وهي حق للمرأة ولذلك أقول إن ما خلقه الله للدنيا خلقه لبني آدم لأنه قال: "الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا"، وهو ينقسم إلى قسمين: إلى ماديات ومعنويات، فأشرف ما في الماديات الذهب والحرير خص الله بهما النساء وحرمهما على الرجال، وأشرف ما في الدنيا من المعنويات الإمامة والقوامة وقد خص الله بهما الرجال فوقع التعادل والتوازن والعدل بين ما للرجال وما للنساء من حقوق. • هل المرأة خلقت ناقصة عن الرجل؟ وهل الرجل بإطلاق أفضل منها بغض النظر عن الخطاب التكليفي الذي قلنا أنهما متساويان فيه؟؟. • كل من الرجل والمرأة ركن من أركان الأسرة ولكل منهما خصوصيات ولكل منهما منزلة فقد تكون المرأة أشرف من أخيها وقد تكون أشرف من زوجها كما قالت ابنة النعمان بن بشير رضي الله عنه، قالت: • وما هند إلا مهرة عربية *** سليلة أفراس تحللها بغل. • فقد تكون المرأة أفضل بكثير من زوجها وقد تكون أنفع للناس منه، وقد تكون أعلم منه وقد تكون أيضا مساوية له وقد تكون أدنى منه، وهذا الأغلب، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كمُل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران". وهذا النص يبين أن الرجال كمُل منهم كثير والنساء لم يصل منهن إلى درجة الكمال إلا عدد محصور جاء فيه النص، وهذا قدَر الله وحِكمته، فاختيار الله للأنبياء رجالا لما علم من أنهم سيتعرضون لمشكلات كثيرة " لم يأت رجل بما جئت به قط إلا عوديّ"، ولعلم الله في أصل الخِلقة أن الرجل هو الذي يتحمل العداوة ويمكن أن يقوم في وجه العدو ويجالد ويجاهد، وأن المرأة غالبا لا تكون صالحة لذلك وقد تصلح له. • ما تعليقكم على الحديث المشهور قوله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء"، نقصان عقل ودين بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟. • هذا ليس لكل النساء بل قال إن ناقصات العقل والدين هن اللآتي يذهبن لب الرجل الحازم، فالمرأة التامة العقل والدين لا تذهب بلب الحازم بل تعينه على لبه وما هو مصلحة لعقله، فاللواتي يغلبن العقول إلى العواطف هن ناقصات عقل ودين أما تامات العقل والدين فإنهن يعن على تمام العقل والدين. • يُفهم من الحديث تخريجان: الأول: أن يكون المقصود ليس جميع النساء، وإنما ناقصة العقل التي تُكلف زوجها، وناقصة الدين هي التي تفرط في شيء من دينها ولا يلزم هذا أن يكون عاما. • والوجه الثاني: إذا حملناه على العموم فنقص العقل هو غلبة العاطفة طبيعة ونقص الدين هو قلة التكاليف الشرعية التي لا حرج عليها فيها. • قوله صلى الله عليه وسلم: "المرأة خلقت من ضِلْع أعوج وإنك إن أقمتها كسرتها وإن تركتها تعش بها وفيها عوج"؟؟. • هذا الحديث موعظة للرجال وتحذير لهم من الاعتداء على النساء والتجاوز في تأديبهن فالرجل بما أنه وال على المرأة في الأسرة لا بد أن تحدد صلاحيته وأن تُقلّم أظفاره لئلا يعتدي ويتجاوز على رعيته، فكذلك المرأة أمانة لدى الرجل ولذلك فهذه الموعظة قالها النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة يوم الجمعة ولم يعش بعد إلا اثنين وثمانين يوما فقال: استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوانٍ لديكم أخذتموهن بشرط الله واستحللتم فروجهن بكتاب الله وإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمها انكسرت وإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج "، فمن شان معاملة المرأة لزوجها عوج وهو طبيعي إذا كانت صالحة لا بد أن تبديّ بعض الأمور التي تريد بها زيادة المحبة وإذا كانت فاسدة فمن باب أولى، فلذلك لا بد أن يكون فيها بعض العِوج في التعامل وهذا العوج لا بد أن يسلم به الرجال، فالذي لا يريد من لا يلائم طبعه ولا يريد أن بعاشر إلا من يلائم طبعه بالكلية فليتعجل إلى دار القرار ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون.. أما الذي يخالط الإنسان في الدنيا فلا بد أن يسمع منه ما لا يحب ولا بد أن يصبر، خاصة أن المرأة مبتلية بكثرة العوارض ففي حملها هي تحمل إنسانا آخر يتأثر بتأثرها وهكذا إذا كانت حائضة أو مريضة أو متأثرة بغيرة أو غير ذلك، وهذه عوارض كثيرة تقتضي عذرا لها، فجعلها النبي صلى الله عليه وسلم عِوجاً كالضلع الذي خلقت منه فلذلك أوصى أن يستمتع بها مع الصبر على عوجها. • قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن العشير .." هل هذا يُشعر بنقص الدرجة عن الرجال؟؟. • هذا وعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء حين ظن أنهن لم يسمعن خطبته وقد خطب الرجال بخطبة بليغة فتوكأ على بلال ووعظ النساء فبين لهن أنهن أكثر أهل النار وأنهن يكثرن اللعن لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط وهذا بخصوص تعاملها مع زوجها فدائما تقول ما لا تعتقده وهي مفطورة على ذلك. • هل يمكن أن تُجعل المرأة قدوة للرجال؟؟. • نعم ضرب الله المثل بامرأة فرعون ومريم ابنة عمران مثلا للمؤمنين لتمام إيمانهما وتمام أدبهما مع الله سبحانه وتعالى فيمكن أن تكون قدوة للرجل. • الحقوق الاجتماعية للمرأة: هل للمرأة حق في تحقيق ذاتها ككيان مستقل ومتميز له قيمته ؟؟. • هذا من حقوق الإنسانية كلها، فكل إنسان له الحق في تحقيق كيانه والشريعة كفلت له هذا الحق. • هل للمرأة في الجانب الاجتماعي أن تطالب بحقوقها لنفسها؟ أم تجعل وليها يطالب عنها؟؟. • في الأصل أن يطالب كل إنسان بحقه لنفسه، لكن إذا كان ضعيف الحجة فالأقوى له والأولى أن يوكل غيره والمراة في الخصام الأولى لها أن توكل من هو أقوى منها حجة، إلا إذا كانت هي بارزة قوية الحجة فلها الحق أن تخاصم عن نفسها. • يتواصل موضوع الحقوق الاجتماعية للمرأة في الحلقة الثانية من حقوق المرأة، ندعوكم لمتابعة هذه الحلقة المهمة الزاخرة بالحِكم والتشريع ومتابعة الموضوع في الحلقات الآحقة.



آخر تحديث للموقع:  الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54 

اشترك في القناة

فقه الحج

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

إحصائيات

المتصفحون الآن: 196 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow