أحاديث الفتن والملاحم2
• بدأ المحاور في أسئلته على الشيخ من حيث انتهى في الحلقة الماضية في موضوع أحاديث الفتن،
• هل إذا كان في أحاديث الفتن حديث ضعيف ثم صدقه الواقع يكون هذا دليلا على صحته؟؟
• إن العمل الحديثي الذي هو الصنعة فيها اصطلاح يُقسم به الحديث على ثلاثة أقسام: صحيح وحسن وضعيف، وهذا الاصطلاح بعضه متواطئ وبعضه مشكك، والصحة درجات كثيرة أوصلها بعضهم إلى ثلاثين درجة. فمن الصحيح ما هو متواتر أخرجه الجماعة مثلا ومنه متفق عليه بلفظه ومعناه ومنه المتفق على معناه ومنه ما انفرد به البخاري ... ألخ، ثم بعد ذلك الصحيح لغيره وهو درجات ومراتب.. وهكذا الحسن أيضا قسمه ابن الصلاح على قسمين وقد عرف الترمذي قسما وعرف الخطابي قسما .. وعموما هذه الدرجات الكثيرة بعضها ينجبر فيكون الحديث حسنا في وقت من الأوقات فيرتقي إلى الصحيح لغيره بمتابع أو شاهد وكذلك الواقع فهو مُقوِّ وكذلك الضعيف إذا انجبر يصل على الحسن لغيره..
• سؤال: هل يمكن أن يحمل بعض أحاديث الفتن وألفاظها على المجاز؛ مثلا يحمل ذكر الخيل والسيف في ملاحم آخر الزمن على أنها مجاز عن الأسلحة التي تكون في ذلك الزمن؟؟ أو يجب أن تبقى على حقيقة ألفاظها ؟؟.
• بالنسبة للأصل في الألفاظ كلها الحقيقة، ولا ينتقل عنها الإنسان إلا بدليل فالتأويل لا بد فيه من دليل ولذلك المجاز يُحتاج فيه إلى أمرين، الأمر الأول: القرينة الدالة على عدم إيراد الحقيقة، والأمر الثاني: العلاقة بين المعنييْن، وهاذان الأمران لا يتحققان في هذه الأمور الغيبية ولا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه بها، والغريب أن بعض الناس يأتي بتكلفات كثيرة.
• سؤال: إذا احتمل النص الواحد من أحاديث الفتن عدة معان هل كلها مراد؟؟ أو يقال أن أحدها راجح والآخر مرجوح؟؟.
• لا فأحاديث الفتن أصلا يقصد فيها هذا الغموض، لأن المقصود بها التخويف ولا يقصد بها التحديد، ولذلك جاء في أحاديث الدجال: "إلى المشرق ما هو إلى المشرق" حتى يبقى اللفظ موهما وملبسا ولا يدري الإنسان ما المقصود.
• وبالنسبة للتعارض بين النصوص الصحيحة فإنه من النادر أن يقع، لأنه لا تعارض بين قطعي وظني ولا بين قطعييْن ويبقى التعارض بين الظنييْن ومساحته ضيقة ويبدأ فيه بالجمع أولا ولن نعجز عن الجمع وإذا عجزنا عنه فإننا نصل إلى الترجيح، وما يحصل من ذلك من التعارض في أحاديث الفتن وفي الآيات يُحمل على اختلاف الوقت؛ "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون"، " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون" فيجمع بين "لا يتساءلون" و " يتساءلون" على اختلاف الوقت؛ فــ"لا يتساءلون عند النفخ في الصور، و"يتساءلون" بعد أن يدخلوا في الجنة أو في النار. ولا اختلاف أصلا بين هذه الأحاديث ولا الآيات.
• سؤال: ما تنزيلكم لبعض الأحاديث من قبيل: قول الضحاك يأتي على الناس زمان تكثر فيه الأحاديث حتى يبقى المصحف عليه الغبار لا ينظر أحد فيه، نُزِّل على الجرائد والإذاعات والمجلات؟؟.
• قد جاء عن عبد الله بن العاص في سنن الدارمي "أنه حذّر من المثناة، فقيل له وما المثناة؟ فقال إنها ما استكتب من غير كتاب الله وأن الناس سيتحاكمون إليها ويتركون كتاب الله". فعموما القرآن سيرفع ورفعه لا يكون إلا بمراحل فعدم تحكيمه في النهار وعدم القيام به في الليل فهذا من رفعه ثم يمحى من الصدور أصلا فلا يبقى له أثر على وجه الأرض فيرفع إلى الله الذي أنزله منه بدأ وإليه يعود وذلك واقع ولا بد أن ينشغل عنه الناس، وفي الحديث أنهم ينشغلون بالشعر فيجعلون الشعر مكانه.
• تنزيل حديث: "لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش، وذلك الجيش لمحمد الفاتح لقسطنطينية"؟؟.
• بالنسبة لقسطنطينية حاول كثير من السلف الصالح فتحها ليتحقق لهم هذا الحديث من أيام معاوية بن أبي سفيان إلى محمد الفاتح، فمكثوا أكثر من خمسمائة عام وهم يحاولون، فما فتحت إلا على يد محمد الفاتح وهذه مزية فضل خصه الله بها.
• تنزيل حديث: "ليوشكن أن يصب عليكم الشر من السماء حتى يبلغ الفيافي" وهو عند بن شيبة يعني القنوات الفضائية؟؟.
• لا فالسماء أعلى من ذلك لكن عموما فهذا تحذير من آثار الذنوب، ومن آثار الذنوب ما ينزل من السماء من الأوبئة والأمراض وفي الحديث أنه لم يُنزل الله داء من السماء إلا أنزل له دواء.
• وهذه الأحاديث التي نريد تنزيلها ينبغي أن نعرف قبل تنزيلها أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
• القسم الأول: أحاديث عامة يمكن أن تتكرر منذ أن قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زماننا وتصدق للجميع مثل "أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة.." فهذا النوع لا إشكال فيه.
• والقسم الثاني: أحداث متعينة في ذاتها، مثل " طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة ونزول المسيح بن مريم" وهذه لا تكون إلا مرة واحدة، وهي بعينها ستقع كما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• القسم الثالث: بين هذا وذاك، محتمل للتكرار، غير متعين في أشخاص بعينهم وهذا هو أغلب الأحاديث.
• تنزيل الحديث الذي فيه: ".. لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش.. وسمعته يقول عصيبة من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض بيت كسرى وآل كسرى .." إلى آخر الحديث؟.
• هذا الحديث أخرجه مسلم في الصحيح وقد أخرج البخاري شيئا منه في الصحيح وهو في الموطأ لكن الموطأ ليس فيه ( .. عصيبة من المسلمين يفتتحون البيت..)، لكن المهم أن هذا الحديث حديث جابر بن سمرة وقد حدث عن أبيه كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يسمع هو تمام كلام النبي صلى الله عليه وسلم من أبيه وكان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغه كلمة " كلهم من قريش" لم يسمعها هو من رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث يدل على الخلافة الثانية التي تكون في آخر الزمان وقد جاء عدد من الأحاديث التي تدل عليها مثل حديث: " تكون فيكم النبوة ما شاء الله لها أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهج النبوة ما شاء الله لها أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا ما شاء الله لها أن تكون ثم يرفعها ثم تكون ملكا جبرية ما شاء الله لها أن تكون ثم يرفعها إذا شاء لها أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهج النبوة وسكت". فالراوي ظن أن عمر بن عبد العزيز مقصود برجوع الخلافة والصحابي أنكر ذلك. والخلافة التي تكون في آخر الزمان يكون فيها إثنا عشر خليفة كلهم من قريش وما يفعله الناس من عد وإحصاء الخلفاء وعد الأربعة الأوائل..كما يفعل بعض المؤرخين ليس صحيحا في هذا فهما خلافتان منفصلتان إحداهما على منهج النبوة بعد النبوة مباشرة وقد سبقت وعرفت والخلافة التي في آخر الزمان ستكون ثلاثة أضعاف الخلافة في أولها ففي الأولى أربعة أشخاص وفي الثانية إثنا عشر خليفة وكلهم من قريش وهذه الخلافة ورد في وصفها كثير من الأمور في ابتدائها وستكون خلافة راشدة على منهج النبوة تجمع ذمة المسلمين وتجمع رايتهم ووحدتهم في آخر الزمان ويتداولها إثنا عشر خليفة كلهم من قريش.
- القسم: مفاهيم 3
- تحميــل
- المشاهدات:7521
آخر تحديث للموقع: الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54