تدبر القرآن الكريم3


تحدثت حلقة اليوم عن تدبر القرآن الكريم (الجزء الثالث). بدأ المحاور من حيث انتهى في الموضوع السابق عند أثر السياق اللغوي في معنى الآية، وقد استهل حديثه مع الشيخ في هذه الحلقة بالسؤال عن أثر السياق التاريخي الذي نزلت فيه الآية؟؟ هل هو مؤثر أيضا في معناها بحيث يقيده مثل سبب النزول والبيئة التي نزلت فيها الآية وما أشبه ذلك؟؟، كما تناول الشيخ الكلام عن الإعجاز الكوني في القضايا العلمية، واستعرض نتائج عجيبة تبدت له في تدبره وتأمله لبعض آيات القرآن الكريم، ونلخص ما ورد في هذ الحلقة في النقاط التالية: • تحديد السياق التاريخي يرجع إلى باب من أبواب علم المعاني وهو باب الوصل والفصل فمن لم يتقن هذا الباب لا يمكن أن يحدد لنا السياق المؤثر، أما أسباب النزول والبيئة التي نزل فيها وأسباب ورود السنة فهذه وسائل معينة على الفهم والتفسير لكنها غير مقيدة إذا كان عاما، أما إذا كان سبب النزول أو الورود خاصا فيمكن أن تقيده. وجمهور الأصوليين متفقون على أن ورود العام على سبب خاص لا يمنع عموم الحكم وأكثر الأحكام إنما وردت على أسباب خاصة. • السنن الكونية هي من أمثال القرآن " وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ". فهذا العالم كله تسيره نواميس كونية كلها تؤخذ من القرآن الكريم، والراسخون في العلم هم الذين يميزون ذلك بقواعد معروفة ومضبوطة. • قضايا الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؟؟. القرآن كله معجزة وهو تحدي تحدى الله به الثقلين على أن يأتوا بمثله، وهو باق إلى أن يرفعه الله، ولا يستنكر أن كل أهل عصر يستخرجون نوعا جديدا من الإعجاز لم يسبقوا إليه، فمعجزات الأنبياء السابقين كانت بحسب ما هو موضة في العصر الذي هي فيه. فناقة صالح كانت بالنسبة إلى الذين أرسل إليهم عربا يهتمون بالإبل كثيرا فجاءت هذه الناقة مغايرة لما عليه إبلهم، وعصا موسى؛ كان أهل مصر يهتمون بالسحر وهو أمجد الأشياء لديهم فجاءت عصا موسى تلقف ما يفكه السحرة، وعيسى ابن مريم في مولده بالشام كان الناس إذ ذاك يهتمون بالعلم والطب اهتماما كبيرا والشام كان موضع تلاقح الحضارات فوفدت إليه علوم الطب واشتهرت فيه فولد عيسى من غير أب وجاء يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ويبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى وهي أمور توقف دونها الطب إلى الآن ولا يزال متوقفا دونها. • إعجاز القرآن صالح لكل زمان ومكان ولا يمكن أن نقول أن القرآن يمكن أن ننتخل زبدته في عصر من العصور ويكون الباقي للمقلدين في العصور الأخرى. بل هو منزل للجميع ولكل من بلغه. • من تدبرات الشيخ الددو في آيات الله الحكيمة أنه عند قرائته لقول الله تعالى في سورة النحل: " وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)": فذكر المراكب وامتن بها على عباده وذكر منها الحيوانات التي تعود العرب على ركوبها وهي الخيل والبغال والحمير، ثم قال: "ويخلق ما لا تعلمون" يخلق بصيغة الفعل المضارع الدال على الاستقبال ومعناه سيخلق الله من المراكب ما لا يعلمه المخاطبون، وهذا يشمل ما عرفناه نحن الآن؛ يدخل فيه السيارات والطائرات والمراكب الفضائية وغيرها ولا ندعي انحساره فيما ذكر بل يخلق أيضا في المستقبل ما لا نعلمه نحن والآن ما لم يعلمه من سبقنا. " وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ: وجد الشيخ أن كل المفسرين فسروها بأمر الهداية والضلالة فيقولون على الله قصد السبيل أي الهداية لطريق الحق، ومنها أي السبل ما هو جائر أي عن طريق الحق، لكن الشيخ وجد أن السياق يقتضي خلاف ذلك : فعلى الله قصد السبيل؛ معناه أن المراكب إذا كانت حية لها أعين وتدبر كالخيل والبغال والحمير يمكن أن تهتدي هي بأنفسها، لكن إذا كانت المراكب جمادا كالسيارات والطائرات والمراكب الفضائية فكيف تهتدي؟ على الله قصد السبيل، يخلق لها ما يدلها وقد وجد الآن للطائرات ما تهتدي به من مثل الرادارات في الليلة الظلماء، " ومنها جائر": أي أن من السبل والطرق التي تسلكها تلك المراكب ما هو جائر؛ أي مائل دائما فالخطوط الجوية كلها مائلة فلا يمكن أن يوجد أي خط جوي مستقيم . • وجد الشيخ في تدبره للقرآن الكثير من التناسب العددي في آي القرآن فتقسيم المصحف على أحزاب ليس صادرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل وجد بعده وهذا التحزيب مع ذلك فيه إعجاز، فمثلا الحزب الذي فيه سورة الجمعة فيه خمس سور: سورة الجمعة 11 آية، وسورة المنافقين 11 آية وأيضا في آخره سورة الطلاق 12 آية وسورة التحريم 12 آية، وبين الأربع سورة التغابن وهي 18 آية؛ فكانت السورتان الأوليان متساويتين والسورتان الأخريان متساويتين وبينهما فاصل غير متساو لأي واحد من الطرفين، وكان هذا إعجازا عجيبا. أيضا الحزب الموالي للسابق فيه أيضا خمس سور؛ سورة الملك 30 آية وفي آخره سورة نوح 30 آية في بعض الأعداد سورة "نون" وسورة الحاقة كلتاهما 51 أو 52 آية جاء هنا التناسب، لكن جاء الاختلاف فجاءت سورة المعارج 44 آية ولم تأتي في الوسط. كذلك أول الحزب جاءت كلمة "تبارك" وآخر كلمة في الحزب " تبارً" اشتركت معها في الحروف وهكذا وجد الشيخ في تدبره لكتاب الله عز وجل أشياء عجيبة جدا. • استعرض المُحاور أمثلة كثيرة من قضايا الإعجاز العلمي الحديث مع الشيخ مستفسرا عن رأيه فيها، وقد أكد الشيخ أن القرآن مُنزل للجميع وفيه خبر المتقدمين والمتأخرين، وفيه تفصيل لكل شيء، وغير مستبعد أن يستخرج منه المتأخرون من الإعجاز ما لم يستخرجه المتقدمون، وقد قال ابن مالك في مقدمة التسهيل: "وإذا كانت العلوم منحا إلهية ومواهب اختصاصية فغير مستبعد أن يدخر لبعض المتأخرين ما عسر على كثير من المتقدمين". • حلقة رائعة في الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ورؤى جديدة في التفسير والتدبر ندعوكم لمتابعتها كاملة.



آخر تحديث للموقع:  الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54 

اشترك في القناة

فقه الحج

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

إحصائيات

المتصفحون الآن: 100 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow