الرقى والتمائم |
سائلة عن مرض (السَّل المَصْ) الشعبي وعندها قرن كبش وفيه حكمة سوداء ومعه تزلوميت، فالقرن يدخل في ماء ويشربه المصاب بالسَّل، فيشفى بإذن الله، وأما التزلوميت فتستعمل للمرأة التي استعصى عليها النفاس فما هو حكم الشرع في ذلك مع العلم أنها تستخدمه لمنافع المسلمين وهي تعلم عدم مضرته أو نفعه إلا بإذن الله؟ أن هذه الرقى كانت قديمة وكانت من أمر الجاهلية فقال النبي (ص): «اعرضوا علي رقاكم» فما كان فيها فيه تعظيم لله وذكر له أقره النبي (ص)، وما كان غير ذلك رده ونهى عنه، فكل ما لا يعرف الإنسان معناه لا يحل له الرقية به، وبالنسبة لهذه الأمور المجسمات كالقرون وما يسمى بالتزلوميت ونحو ذلك لا يحل استعماله لأن الإنسان لا يدري ما فيه، وإذا دراه فهو أمور ظاهرها مثل ظاهر السحر لأنها مجسمات وأمور من هذا القبيل، فلذلك هذا النوع يضر ولا ينفع، وما يشاهد منه من النفع العاجل كالشفاء من مرض من الأمراض إنما هو فتنة لأن الإنسان سيتعلق به ويظن أنه يشفي أو ينفع فهو فتنة يفتن الله بها، ونحن الآن ننتظر الدجال فعلينا أن نحذر من مثل هذه الأمور، فإذا كان الإنسان يحذر فتنة المسيح الدجال فليعلم أن الدجال يحيي الموتى، يناديهم فيقومون من قبورهم، ويمر بالقرية الخربة فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ويأتي أهل قرية وهم مسنتون في غاية الجهد فيصدقونه فيأمر السماء فتمطر ويأمر الأرض فتنبت، فتروح عليهم مواشيهم أسمن ما كانت ضروعا، ويمر على أهل قرية مخصبين فيكذبونه، فيأمر السماء فتمسك ويأمر الأرض فتقحل فتروح عليهم مواشيهم وهي أشد ما تكون لأواء، فإذا عرفنا هذا وعرفنا أن هذه الأمور المشاهدات الدنيوية إنما هي فتن يجريها الله تعالى كما يجري أشد منها على يد المسيح الدجال، فعلى الإنسان أن لا يغتر بها وأن يعلم أن الفتن موجودة، وأن تقليد الإنسان في اتباعها، وشهادته بأن القضية هي مجرد مشاهدة أن هذا شربه فلان فبرئ وعلق على فلانة فبرئت، فهذا النوع إنما هو من الفتن التي على الإنسان أن يحذرها لأنه لو كان كل من يبرئ مريضا يتبع لكان الدجال أحق بهذا فهو يحيي الموتى، فلذلك لا بد من الحذر غاية الحذر من هذا النوع ومن خطره العقدي المؤثر على عقائد الناس، ولنعلم أن الله سبحانه وتعالى آتانا ما فيه الشفاء والنور، فأنزل علينا هذا القرآن المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وهو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، من تمسك به عصم، ومن تركه من جبار قصم الله ظهره، وقد قال الله تعالى: { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} وقال: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} وقال تعالى: { وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} فلذلك علينا أن نكتفي بكتاب الله تعالى، وأن نلتمس فيه الهدى، وأن نحذر من هذه الشواغل التي تشغل عنه.
|
آخر تحديث للموقع: الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54