حكم اشتراط الزوجة على زوجها ألا سابقة عليها ولا لاحقة لها || فتاوى الشيخ محمد الحسن الددو

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلي الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين  سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد فقد كلفني أحد المشايخ المقيمين في البادية بطرح استشكال على فضيلتكم يتعلق بالشرط المعروف في أغلب عقود الزواج بقطرنا، والمتعلق باشتراط المرأة في صلب العقد ( أن لا سابقة لها، ولا لاحقة عليها، وإلا فأمرها بيدها، أو بيد وليها إن كان) وقبول الزوج الصريح للشرط ورضاه هل هو داخل في دائرة التخيير، ويترتب عليه حق الزوجة في أن تختار التحلل من العصمة أوالبقاء على ذمة الزوج إذا هو أخل بالشرط بأن تزوج عليها، أوظهر أن على ذمته أخرى سابقة لها؟، أم أن الشرط باطل أصلا من أساسه، وتضمينه العقد لا يغير من حق الزوج في التعدد شيئا، ولا يترتب على إخلاله به أي أثر يدعم اعتراض الزوجة على ممارسة زوجها حقه في ماشرع الله له؟.

 

---- الجواب -----

 

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

المسألة محل خلاف بين أهل العلم و الراجح عندي فيها أن هذا الشرط باطل لا يترتب عليه أي شيء لما ثبت في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ : كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، فَقَالَتْ: إِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكِ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ ؛ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ". فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ : " مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ". و لقوله صلى الله عليه و سلم  الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا " أخرجه الترمذي بإسناد صحيح

و قد سئل عمر رضي الله عنه عن هذا الشرط فقال سبق شرط الله شرطها. و قد عقد مالك في الموطإ بابا لهذا و هو  باب ما لا يجوز من الشروط في النكاح  و فيه  قَالَ مَالِكٌ : فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا، أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَطَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ : أَنْ لَا أَنْكِحَ عَلَيْكِ، وَلَا أَتَسَرَّرَ. إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ يَمِينٌ بِطَلَاقٍ، أَوْ عِتَاقَةٍ، فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ.

و الله يوفقنا و إياكم لكل خير

 

آخر تحديث للموقع:  الاثنين, 25 نوفمبر 2024 20:04 

رمضانيات

اشترك في القناة

فقه الحج

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

إحصائيات

المتصفحون الآن: 126 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow