ملتقى الفقه الاسلامي الكلمة الختامية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي واسلم على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد فإننا نحمد الله سبحانه وتعالى على ما وفق له في هذه الأيام الثلاثة من مناقشة هذه القضايا على بساط الإنصاف وبالرجوع إلى مراجع الفقه ومصادر الشرع وبالتصور الصحيح الناشئ عن الخبرة وعن أهل الاختصاص.
ونشكر كل المشاييخ والعلماء وكل الباحثين والهيئات التي شاركت في إنجاح هذا الملتقى وعلى رأسها البنك الشعبي الموريتاني كما نشكر ايضا المهتمين بالفقه الذين حضروا هذا الملتقى ونشكر وسائل الإعلام التي غطته ونقلته.
وأذكر أن الموضوعات التي تناولها البحث في هذه الأيام هي التي وقف عندها المشرع الموريتاني فعند تقنين الفقه الإسلامي وقد كنت أحضر إذاك اجتماع اللجنة المقننة له مع الشيخ محمد سالم ولد عدود رحمة الله عليه منذ سنة 1982 تركوا هذه النقاط التي ناقشناها هناك جانبا وصرحوا على أنهم لم يقدموا فيها شيئا في القانون المدني الذي اعتمدوه موافقا لمذهب مالك بن أنس وبقيت هذه النقاط التي نوقشت في هذا الملتقى توقف دونها المشرع الموريتاني عندما قنن الشريعة الإسلامية على وفق المذهب المالكي ومنذ ذلك الوقت منذ سنة 1982 إلى الآن لم يصدر في هذه رأي فقهي موحد في هذا البلد يمكن الاعتماد عليه ويمكن أن يكون بناء على الأصل الذي وضعه العلماء عندما قننوا الفقه.
ولا شك أن ما ذكره فضيلة الشيخ محمدن ولد حمينه من أن الفقه وبالأخص الفقه المتعلق بالمال وبالصيرفة متجدد على آناء الزمان وأنه سريع التطور هذه أمور لا ننكرها ولكننا بدأنا من حيث توقف المقننون والمشرعون للفقه الإسلامي في هذا البلد فلينتبه لذلك.
ولا شك أن النقاط التي أرجئت ولم يبت فيها قد كان لدى بعض الحاضرين رأي فيها وقد أنضجوا فكرتهم فيها وقد اعتمدوا أدلتهم ورجعوا فيها إلى بحوث شتى ودراسات مختلفة ولكن بما أنها لم يتفق عليها أرجئ البت فيها إلى وقتها وعسى أن يكون قريبا إن شاء الله تعالى فإرجاؤها ليس عن عدم إدراك وتصور لحقيقتها ولا عن عدم اهتمام بها بل هي من الأمور المهمة ولا شك أن بعض الحاضرين يرى فيها رأيا متضحا له دليله ولكن لم يستطع أن يقنع الآخرين تماما بذلك الرأي فأرجئت إلى وقتها وهذا مما هو مألوف معروف في الفقه فمالك بن أنس رحمة الله عليه سئل في مجلس عن اثنتين وأربعين مسألة فقال في ثمانية وثلاثين منها لا أدري وكان يقول ينبغي للعالم أن يجعل لجلسائه في أيديهم أصلا يرجعون إليه وهو لا أدري وقد ذكر بن عمر بن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال نصف العلم لا أدري وكان أبو بكر بن دريد رحمه الله كثيرا ما يقول:
ومن كان يهوى أن يرى متصدرا*** ويكره لا أدري أصيبت مقاتله
وكون العلماء أرجؤوها للبحث وهو من هذا القبيل لزيادة الاحتياط للدين وزيادة دواعي الاتفاق لعلهم يصدرون فيها عن رأي موحد وأرجو أن يكون ذلك قبل الملتقى القادم في السنة القادمة إن شاء الله فالإخوة في المركز لابد أن يتابعوا ما أرجئ من النقاط وهو نقطتان كبيرتان وأن يعيدوا إلى الباحثين طلب الزيادة فيهما وأن يطلبوا لقاء لبعض من حضروا في هذا الملتقى حتى يصدروا عن رأي موحد فيها إن شاء الله.
وأعلن على بركة الله اختتام هذا الملتقى وأسأل الله سبحانه تعالى أن يثقله في ميزان حسناتكم أجمعين وأن يجعله خالصا لوجه الله الكريم وأن يغفر لنا ما وقعنا فيه في هذا الملتقى من الزلات والأخطاء وأن يتجاوز عنا أجمعين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجميعن والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- القسم: فقه عام
- تحميــل
- المشاهدات:8254
آخر تحديث للموقع: الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54