حلقة إفتاء
حلقة إفتاء
عناصر الموضوع:
• بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
• من سنة الله تعالى أن يشتد البلاء على المؤمنين امتحانا ثم يأتي بعد ذلك النصر والتمكين لمن صبر.
• الناس ينقسمون إلى أربعة أقسام في أوقات الشدة.
• سؤال: مهندس برمجيات يريد أن يعمل في شركة إستشارية في تصميم برامج كومبيوتر لمختلف القطاعات، مثل: القطاعات الصحية و قطاع المبيعات والتجارة وغيرها، ومن بين تلك القطاعات قطاع شركات التأمين بكل أنواعه، هل يجوز له العمل مع الشركة الإستشارية؟ علما أنه من الممكن أن يتم اختياره أحيانا للعمل في تصميم برامج لشركات التأمين، مع العلم أنه إذا اشترط على الشركة الإستشارية العمل فقط فيما يريد هو من الشركات فإنهم سيرفضون توظيفه، وبالذات لأنهم غير مسلمين، وقد يستهجنون ذلك أصلا، ومن الممكن نظريا ألا يتم اختيار ذلك المهندس لتصميم مشروع لشركة تأمين، لكن نظرا لكثرة وضخامة مشاريع تلك الشركات فإن الاحتمال قائم أن يتم انتداب ذلك المهندس للعمل في تصميم برامج لها هذه البرامج تسهل عمل شركات التأمين بشكل أو بآخر.
• السؤال الأول عن المثبتات على دين الله في أوقات الأزمات، والجواب: أن التثبيت على دين الله له وسائل كثيرة أهمها: ـ الإيمان بالله سبحانه وتعالى وصحة الاعتقاد فقد قال الله تعالى: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء". ـ الدعاء فإنه يصطرع في السماء مع البلاء ولا يرد القدر إلا الدعاء، وكان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك. ـ قراءة سير الصالحين الذين ابتلوا فصبروا، فإن الله بين ذلك في سورة هود في قصص الأنبياء، وقد قال عبد الله بن المبارك: قصص الصالحين جند من جنود الله يثبت الله بها قلوب عباده ومصداق ذلك من القرآن قول الله تعالى: " وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين". ـ ومنها كذلك الصحبة الصالحة، فإن صحبة الأخيار تقطع الإنسان عن الفتن وتمنعه منها ولذلك قال الله تعالى: "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا". ـ ومنها الزهادة في الدنيا وعدم الرغبة فيها وتذكر ما عند الله وأنه خير وأبقى، فإن ذلك أيضا يثبت ويقطع عن الإنسان المطامع ويقطع له الآمال في المزيد من زخارف الدنيا وقد قال الله تعالى: " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى".
• الجواب: يجوز له العمل ولكن إذا فرض عليه أن يعمل فيما هو حرام حينئذ يقدم استقالته، فهذا الاحتمال وارد دائما ولكنه ليس واقعا، فلذلك لا يمنع به الأمر المباح لأنه هو مجرد احتمال، فإذا جاء وحصل وأصبح واقعا حينئذ لا يحل له العمل في الترويج لشركات التأمين، أو في وضع البرامج الكومبيوترية التي تخدمها ومثل ذلك أيضا البرامج المحاسبية التي تحاسب الربا وتخدم البنوك الربوية وهكذا.
• السؤال: رجل بنى سوقا وقال إن أي شخص يريد محلا تجاريا عليه أن يدفع مليون ومائتي ألف أوقية على أنها إيجار للشهر الأول وبعدها سيدفع مبلغ خمسين ألف عن كل شهر، وهذا الشخص لا يمتلك بمقتضى هذه الصفقة مفتاح المحل ما هو الحكم الشرعي لذلك؟.
• الجواب: هذه الصفقة مباحة لا ريبة فيها ولا إشكال، فله أن يؤجر الشهر الأول بمبلغ أكبر من إيجار الأشهر الأخرى كما له أن يؤجر في وقت الذروة أو في وقت الحاجة بأكبر من الإيجار في غير وقت الذروة ووقت الحاجة، فلذلك لا حرج في مثل هذا فيستأجر منه المحل في الشهر الأول بالمبلغ الذي ذكر وهو المبلغ الكبير ثم يعود الإيجار في الأشهر اللاحقة إلى طبيعته فلا حرج في هذا، وله أن يحدد مدة من الأشهر معينة، لأنه قد أخذ منه هذا المبلغ الكبير في إيجار الشهر الأول، وله أن يشترط ألا يخرج من المحل قبل عدد معين من الأشهر، مثل سنتين أو ثلاث سنوات أو أربعة سنوات إلى آخر ما يتفقان عليه، وإذا كتبا ذلك كان ملزما لهما برضاهما فقد قال الله تعالى: " إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" وقد أخرج ابن ماجه في السنن وابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما البيع عن تراض" ومثل ذلك كل العقود التي هي من عقود المعاوضة فأساسها الرضى فإذا حصل التراضي بين الطرفين مضى العقد على ذلك وبالأخص إذا لم يكن في الأمر نهي ولم يرد فيه مخالفة لنص شرعي.
• السؤال: هل يجوز الاستحواذ على مال الكافر المقاتل للمسلمين في غير معركة، بأن يأخذه الإنسان في غير معركة؟.
• الجواب: بالنسبة لمال الكافر المحارب غير معصوم، فعصمة الدم والمال والعرض تكون بإيمان أو أمان، فالكافر غير الذمي وغير المعاهد وهو المحارب للمسلمين أو الحربي ماله إذا قدر عليه المسلم فأخذه إن كان ذلك بمخاطرة وجب عليه التخميس إجماعا، لأن الله قال: " واعلموا ... خمسه"، وذلك يقتضي أن يأخذ أربعة أخماس الغنيمة وأن يجعل الخمس الآخر لله، وحينئذ يقسم ذلك الخمس إلى خمسة بينها الله بقوله: "وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " فهذه الخمسة هي التي يقسم عليها الخمس الذي هو لله، وإذا أخذه من غير مخاطرة فيكون محل خلاف من العلماء من يرى وجوب التخميس مطلقا، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، ومنهم من لا يرى وجوب التخميس إذا لم تحصل المخاطرة وهذا مذهب المالكية والحنفية، وعموما يشترط لأخذ مال الكافر ثلاثة شروط: أولا: أن لا يتعرض المسلم لمتابعة قانونية أو أذية فلا ينبغي أن يذل المسلم نفسه. ثانيا: أن لا يشوه الإسلام والمسلمين فإن تشويه الإسلام وأهله حرام. ثالثا: أن لا يسد على المسلمين باب رزق كانوا يرتزقون منه كأن يمنعهم من اللجوء السياسي أو يقطع عليهم بابا كان لهم فيه نفع، فهذه الشروط الثلاثة إذا تحققت فلا حرج في الباقي.
• السؤال: ما حكم استعمال موانع الحمل؟ وهل تجوز مطلقا أو تمنع مطلقا أو فيها تفصيل؟، وفي حالة استخدام موانع الحمل كيف يكون التعامل مع الصلاة؟ وما حكم من استعملتها فصلت نصف شهر وقعدت نصف شهر؟.
• الجواب: بارك الله فيكم، بالنسبة لاستعمال موانع الحمل الأصل عدمه، فالأصل أن تكثير النسل والسواد مطلوب والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك فقال: " تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة " وقال إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية " ولذلك كان وجود النسل ضرورة من ضرورات الحياة فهو معدود من الضرورات الست التي لا قوام للعالم إلا بها، لكن إذا اضطرت المرأة إلى ذلك لضرر يلحق بجسمها فإن كان الضرر محققا اتفق عليه الأطباء وكان يؤدي إلى خشية الهلاك أو شديد أذى كفقد إحدى الحواس أو نحو ذلك أو كان ضررا بينا بأن لا يسمح لها بالحركة مدة الحمل مثلا فحينئذ لها أن تمتنع عن الحمل والأصل أن يكون ذلك الامتناع بالتراضي بين الزوجين والاتفاق بينهما وحينئذ إذا لم يقع اتصال في وقت نزول البويضة إلى مكان التلقيح وذلك خلال ثمان وأربعين ساعة، فإذا عدت من أول يوم نزول الدورة الشهرية عليها فاليوم الرابع عشر والخامس عشر لم يقع فيهما اتصال جنسي أي أي جماع بإذن الله لا يقع الحمل وكذلك العزل قد كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل العزل كما في حديث جابر "كنا نعزل والقرآن ينزل" لا بد من تراضي الزوجين عليه، أما الموانع الأخرى ففيها أضرار أي لا تخلوا من ضرر فالحبوب التي تمنع الحمل تؤدي دائما لتقطع الدورة والاستحاضة الدائمة وتغير لون الوجه وفي بعض الأحيان يكون لها تأثيرات أخرى، وقد تسبب بعض الأمراض، وكذلك الحقن فهي أكثر ضررا لأنها من أسباب سرطان الثدي، وكذلك تؤدي إلى نبات الشعر في الوجه في مكان اللحية والشارب ونحو ذلك، وفيها أضرار بينة على المرأة، وأقلها ضررا تقريبا هو اللولب ولكنه فيه كشف للعورة وبالأخص إذا كان الذي يكشفها غير زوج وكان رجلا أجنبيا هذا أشد فلذلك لا تضعه المرأة إلا عن ضرورة، واللصقة التي توضع على البدن وتغير أخف ضررا منه ولكنها تزيد بعض الهرمونات وتعرض لارتفاع السكري أيضا، ومثل ذلك العود الذي يغرس في الذراع فإنه يؤدي إلى الاستحاضة ولكنه أقل هذه ضررا تقريبا، فإذا نجح ووجد من يستطيع وضعه وضعا صحيحا فهو أحسن هذه الموانع وأقلها ضررا، والأصل كما ذكرنا عدم استعمال أي شيء من الموانع، وكذلك استعمال الرجل لبعض الموانع كالواقي الذي يلبسه بعض الرجال ففيه بعض الأذية ولا يوصل إلى تمام الشهوة وفي بعض الأحيان يقع منه تسريب لا يشعر به الرجل، فربما أنكر نسب الولد أو شك فيه أو وجد أثرا في نفسه لاتهام زوجته وتكون هي بريئة وذلك بسبب استعماله للواقي، فالأصل تجنبه وعدم استعماله أيضا، إذن أعود فأقول الفتوى في هذا الشأن إنما هي للأطباء فإذا أفتوا بأن المرأة سيحصل لها ضرر محقق عظيم كبير من الحمل فلها الحق حينئذ أن تبحث عن أقل موانع الحمل ضررا وتستعمله، وذلك في حالة عدم قناعة الأطباء بجدوائية العزل أو جدوائية عدم الاتصال في وقت نزول البويضة والله أعلم.
• أما التي استعملت بعض موانع الحمل فتقطع عليها الحمل أو جاءتها الاستحاضة بحيث أصبحت تجد الدم خمسة عشر يوما وينقطع عنها خمسة عشر يوما ونحو ذلك، فلا بد أن تكون من المميزات أو من غير المميزات، فإذا كانت مميزة وهي التي تعرف وقت حيضتها وتعرف دم الحيض فهو أسود يعرِف كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرِف أي رائحته الكريهة أو يعرَف أي يعرفه النساء، فإذا كانت تعرف وقت الحيضة جلست للحيضة وما سوى ذلك اعتبرته استحاضة، والاستحاضة لا تمنع من الصلاة ولا من الصوم ولا من الجماع ولكن تتوضأ لكل صلاة، وإذا انقطع عنها الدم في أية ساعة لا بد أن تغتسل ليَلاَّ يكون قد خالطه حيض وهذا الغسل للاحتياط.
• السؤال: هل ورد نص في فضل صلاة ركعتين بعد العشاء بسورة السجدة وسورة الملك وما مدى صحة ما يقال في ذلك؟
• الجواب: بالنسبة لسورة الملك وسورة السجدة ورد فيهما فضل عظيم في قراءتهما في كل ليلة وأن ذلك يمنع من سؤال الملكين أو من فتنة القبر، وقد جاء أن سورة هي ثلاثون آية شفعت لصاحبها وجاء أنها سورة الملك، وسورة السجدة أيضا ثلاثون آية، فالنصوص التي لم يرد فيها بيان تلك السورة وورد فقط أنها ثلاثون آية شاملة للسورتين، لكن النصوص التي عينت أنها سورة الملك حددتها، ففي السورتين فضل عظيم لكن لم يرد فيما أعلم نص بالصلاة بهما في ركعتين بالخصوص، لكن سورة السجدة بالخصوص فيها ذكر قيام الليل لأن الله قال فيها: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون" لذلك كان بعض السلف يستعين بها على قيام الليل لأنه إذا قرأ هذا كان حافزا له على القيام.
• السؤال: هل من بشائر بعد تراجع الثورات، وهل النصر يأتي للأمة في وقت واحد أم يأتيها متدرجا؟
• الجواب: بالنسبة للثورات لا يقال إنها تراجعت حقيقة، لأن الثورات من شأنها أنها تتموج فتكون أمواجا تأتي موجة ثم إذا انتهت جاءت موجة أخرى وهكذا، وأشهر الثورات في عالمنا المعاصر الثورة الفرنسية، وقد دامت اثنتين وخمسين سنة، وعادت فيها الأسرة الحاكمة للحكم مرتين، لذلك ما يحصل الآن إنما هو موجات من موجات الثورات والثورات المضادة، وإذا صبرت الشعوب ستنجح ثوراتها، ولكن لا يكون ذلك إلا بالتضحية والبذل، لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم. وقد رأينا ثبات المصريين واستمرارهم في ثورتهم، وكذلك رأينا ثبات أهل اليمن رغم ما عانوا وما لاقوا وكل ذلك يدلنا الحمد لله على قرب النصر وهو بشارة من بشائره، وبالنسبة ما يحصل أيضا من استبسال العدو واستماتته كله يقتضي استنزافا لقوته، فالمال الذي جمع من حرام لا ينفق إلا في حرام لذلك قال الله تعالى: "إن الذين كفروا ينفقون أمولهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون" والثورات من المهم فيها أن تحتاج إلى مثل هذا النوع من التمحيص والتنقية والتضحية، فإن الثورات التي قامت خرج فيها رعاء الناس وعوامهم، والملتزمون وغير الملتزمين والصالحون والطالحون، فلا بد من تمحيصها ولا بد أن يخلص فيها الخلص من الناس، وهم الصادقون وحدهم ولا بد أن يعاديهم الجميع، ولا بد أن يظهروا على حقيقة توحيدهم وإخلاصهم لله جل جلاله، وبالنسبة للمبشرات في هذا كثيرة وقد ذكرنا بعضها في الكلمة التأطيرية لهذا اللقاء، وبالنسبة للنصر فهو من عند الله "وما النصر إلا من عند الله" إذا شاء جاء به جملة وإذا شاء جاء به تفصيلا، وكل ذلك من سننه فقد جاء نصر نوح على أهل الأرض جميعا بالطوفان، وجاء النصر بالتدريج في بعض القضايا الأخرى دون ذلك، فكل ذلك ممكن فالله سبحانه وتعالى أثنى على نفسه فقال "وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ".
• السؤال: ما صحة ما ينسب إليكم من أنكم أخبرتم أن الشيخ لمرابط عدود ـ رحمه الله تعالى ـ رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، وهل ترون جواز وقوع ذلك أو إمكان وقوع ذلك، وما دليل من يقول بإمكان وقوعه؟.
• الجواب: بالنسبة للقصة التي حصلت للشيخ محمد سالم ـ رحمة الله عليه ـ ليس فيها يقظة بل نعس في الحرم وهو جالس خلف المقام وليس قريبا منه فسمع كأن شخصا قال: "الخلط ذ هوم جاو" فكأنه رفع بصره فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر في ثياب الإحرام، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم قد اطبع وكانت النعسة خفيفة جدا بحيث لم يعد وضوءه، لكن كانت في حال نعاس وليست في حال يقظة تامة، وبالنسبة للرؤيا الحقيقية التي هي أقوى تكون في المنام، أما اليقظة فيقع فيها بعض المرائي وهي ضعيفة لأنها لا تكون إلا في وقت ضعف للإنسان، كما إذا كان محموما حمى شديدة أو كان جائعا جوعا شديدا أو كان قد فقد النوم مدة طويلة، فهذا الذي يرى مرائي اليقظة وهي أضعف من مرائي المنام وهي ممكنة، لأن المقصود أن الروح تسرح في ذلك العالم وتعرج فيه فترى بعض المغيبات وهذا تراه في المنام عندما يتعطل العقل والبدن بالنوم، وتراه في اليقظة عندما يتعطل العقل والبدن بالنعاس أو بالجوع الشديد أو بالمرض أو نحو ذلك فلا حرج في مثل هذا وقد ألف فيه السيوطي كتابا في إثباته ولا فرق في إدراك الروح في هذه الأحوال، والروح لا محالة تدرك، وإدراكها يكون عند تعطل العقل والجوارح والحس.
• السؤال: انتشرت فتوى لبعض أهل العلم مقتضاها أن الإنسان يمكن أن يدفع مالا لشخص آخر على أن يتولى عنه سيئاته، هل هذا جائز شرعا وهو مبرئ لذمة الإنسان الذي أذنب أن يدفع مالا لشخص مقابل أن يتحمل عنه سيئاته؟.
• الجواب: إذا كان الذي يقول هذا إنما يتألى على الله ويتجاسر عليه فهو سالك لطريق المشركين، فقد قال الله تعالى: "وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون" وإذا كان المقصود أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما إذا كان الذي يدفع إليه المال فقير معدم من المسلمين، ورأى أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وقد صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا حرج فيها، فإذا الفرق شاسع بين القولين باعتبار اختلاف النية والمقام والأسلوب الذي تقال به، فإذا كانت صدقة على معدم فقير من المسلمين وأراد بها صاحبها أن تكفر سيئاته فإنها من مكفرات السيئات، ولكن لا يجزم بذلك ولا يقطع به، فقد تقبل وقد لا تقبل عند الله سبحانه وتعالى، وإذا قبلت لا شك أن الحسنات يذهبن السيئات وأن الصدقة من مكفرات الذنوب، وأنها تطفئ غضب الرب جل جلاله، وإذا كان المقصود أن الإنسان يتعهد هو بمحو سيئات آخر فهذا من دعوى المشركين، وصاحبه كذبه الله في كتابه وبين ضلاله وكذب ما هو عليه.
• السؤال: شخص وجد وظيفة يعلم أنه كفء لها فيما بينه وبين الله وهو محتاج لها لكن ليست لديه الشهادة المؤهلة لها، ثم وجد شخصا يستطيع أن يخرج له الشهادة مزورة، هل يجوز له ذلك مع كفاءته وحاجته؟.
• الجواب: لا يجوز له أن يعمل على التزوير ولا أن يشارك فيه، فشهادة الزور من أكبر الكبائر، وقد قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا أخبركم بأكبر الكبائر ثلاثا وذكر منها وشهادة الزور وقول الزور وما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت" فلذلك لا بد من اجتناب التزوير مطلقا والابتعاد عنه ولا يحل للإنسان إذا شرط عليه أمر أن يزور فيه وأن يكذب فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسلمون عند شروطهم أو على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا ".
• السؤال: ما هو مقدار نصاب زكاة العين في هذا الزمن من الأوقية وبما يقدر، هل يقدر بالذهب أو الفضة؟.
• الجواب: بالنسبة للعملات كلها لا تقوم اليوم بالفضة، فالفضة لم تعد رائجة في الأسواق ولم تعد مخزون إستراتيجي للدول، وإنما تقدر العملات بالذهب، فإذا بلغ ما يملكه الإنسان من عملة من العملات أيا كانت ثمن أربعة وثمانين أغراما من الذهب، من أي عيار من عياراته فهذا هو النصاب، الذي إذا تم ملكه وحال عليه الحول كاملا لزمت فيه الزكاة وهي اثنان ونصف في المائة تخرج منه، وذلك في هذه الأيام بالأوقية: مليون وستون ألفا، لأن سعر الذهب ليس ثابتا وكل يوم يطرأ عليه تغير، فآخر ما سمعت فيه أنه بلغ مليون وستون ألفا فهذا هو النصاب من الأوقية، فيجب في كل مليون خمسة وعشرون ألفا، فهي اثنان ونصف بالمائة.
• السؤال: من لمس مطلقته من فوق الثياب دون نية الرجعة هل يعتبر هذا رجعة أم لا؟.
• الجواب: لا يعتبر ذلك رجعة، فالرجعة لا بد فيها من النية، واختلف هل يشترط لها إشهاد عدلين لأن الله أمر بذلك وقال: "وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله" فذكر ذلك في الرجعة، فاختلف هل لا بد من إشهادهما أم لا؟ لكن إذا لمسها أو قبلها أو جامعها من غير نية الرجعة لا يكون ذلك رجعة ويكون آثما عاصيا، ويستحق بذلك الحد عند طائفة من أهل العلم، وقالت طائفة بل له شبهة تدرأ عنه الحد ويلحق به الولد حينئذ لأنه إذا انتفى الحد لحق النسب.
• السؤال: ما حكم العمل في البنوك التقليدية، لمن هي مضطرة للعمل ولم تجد غيرها؟.
• الجواب: البنوك الربوية هي مؤسسات تقوم على الربا، الذي رتب الله عليه حرب الله ورسوله، وبين ضرره على صاحبه والمشارك فيه مطلقا، وقد قال الله فيه: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس" واختلف أهل العلم في التفسير في معنى ذلك، فقالت طائفة: إنهم يحشرون يوم القيامة مجانين، وقالت طائفة بل لا يقومون في الدنيا إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس فلا يبارك لهم في أعمالهم، وتكون أعمالهم كلها تخبطا وخبط عشواء ليس فيها صواب، وعموما لا يمكن أن يفتح المجال للعمل في الربا ولا في البنوك الربوية إلا مع الضرورة القصوى، وقد اختلف أهل العلم هل الضرورة تبيح الربا أم لا؟، والذي يترجح أنها تبيحه لكن اختلف في القدر الذي يبيح الربا منها، وقيل هو مثل ما يبيح أكل الميتة وشرب الخمر للغصة، وقيل بل دون ذلك، وقد نظم هذا الخلاف الشيخ يحيى ولد أحمد فال التندغي رحمة الله عليه فقال:
• هل الضرورة الربا تبيح / فيه اختلاف العلما صريح
• وهل مبيح الميتة المبيح / أو دون ما يبيحها يبيح
• والضرورة معناه ألا تجد قوت يومها، أو أن يكون عليها دين يريده أهله ولا تجد ما تقضي به وتخاف أن يسجنوها أو يرفعوها إلى القضاء أو يشوها سمعتها، ومثل ذلك أيضا من لديها علاج من مرض ولا تستطيع العلاج ولا تجد ما تتعالج به إلا بهذا، هذاه هي صور الضرورة التي تبيح العمل في البنوك الربوية، والنبي صلى الله عليه وسلم "لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء" ولذلك على الإنسان أن يحذر من قوله: "وهم سواء"، وأن يبتعد عن ذلك ما استطاع إليه سبيلا.
• السؤال: ما هي الوسائل المساعدة للتمكين والنصر وكيف لنا أن نلتمس معالم ذلك؟.
• الجواب: بالنسبة لوسائل التمكين والنصر أولها أن يتحقق في الإنسان صفات الذين يستحقون النصر والتمكين وقد بينها الله في سورة الحج فقال: "إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" وقال تعالى في سورة النور: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا" وكذلك من وسائل النصر والتمكين بذل الجهد الذي يستطيعه الإنسان، فإذا صدق مع الله وبذل الجهد الذي يستطيعه فإن ذلك مدعاة لأن يأتيه النصر من عند الله كما قال الله تعالى حكاية عن رجلين من بني إسرائيل "قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين" وكذلك من وسائل النصر والتمكين: وحدة الكلمة واتفاق الصف فالخلاف سبب لنزع الهيبة وللهزيمة كما قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين"، ومنها كذلك التواضع لله سبحانه وتعالى والبراءة إليه من الحول والقوة، كما قال الله تعالى: "ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط".
• السؤال: ما حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم؟.
• الجواب: بالنسبة لهذا اللفظ لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يقوله فلا يشبه كلامه وهو موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، أما حكم التوسل به في الدعاء فهو محل خلاف بين أهل العلم، فذهب جمهورهم إلى منعه لأنه لم يأت به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله فلا شك أنه لم يترك خيرا إلا دلنا عليه ولم يترك شرا إلا حذرنا منه ولو كان التوسل خيرا لعلمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد علمنا الثناء على الله، والصلاة والسلام على رسول الله في الدعاء، وعلمنا آداب الدعاء، وعلمنا التوسل بأسماء الله وصفاته، وعلمنا التوسل بدعاء الصالحين، وعلمنا التوسل بالأعمال التي أخلص فيها الإنسان لله، ولم يعلمنا التوسل بجاهه هو، وأيضا من ناحية المعنى فإن جاهه عظيم لا محالة لا يختلف في ذلك اثنان، لكن جاهه إنما هو عندما يتوجه هو في الأمر، فإذا لم يتوجه في الأمر فكيف توجهه أنت، فأنت لا تملكه ولا تسيطر عليه، وهو صلى الله عليه وسلم الذي يتوجه في الأمور من تلقاء نفسه، فقد كان ذلك في حياته وسيكون بعد بعثه وهذا توجهه، وقالت طائفة أخرى بل يجوز ذلك واستدلوا بحديث أخرجه الترمذي في السنن والنسائي وابن ماجه وأحمد والحاكم في المستدرك عن عثمان بن حنيف أن رجلا أتاه يسأله الشفاعة إلى عثمان بن عفان في حاجة يريدها عنده وأن عثمان قد احتجب منه، فأمره عثمان بن حنيف أن يذهب إلى الميضأة وأن يتوضأ وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء اللهم إني أتوسل إليك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى الله تعالى بحاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعني فيه وشفعه في وهذه الزيادة في بعض الروايات، ففعل ذلك الرجل فدعاه عثمان فقضى حاجته، فجاء وقال والله ما كان يلتفت إلي فقال والله ما كلمته ولكنني كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم يوما فجاءه رجل فذكر القصة رجل ضرير أعمى، وعموما هذا الحديث مختلف فيه، فإن مداره على أبي جعفر وأبو جعفر هذا غير منسوب ولا مسمى، وقد قال الترمذي في سننه عن شعبة عن أبي جعفر وهو غير الخطمي، ففي ذلك العصر أبو جعفر الخطمي راو بالمدينة وقد وثقه أهل المدينة، وهو غير معروف في خارجها، ولم يعرفه من سواهم، والترمذي جزم بأنه غير الخطمي، فهو إذا مجهول وأي حديث في إسناده مجهول فهو ضعيف، وقد صححه بعض أهل العلم اعتمادا على أنه هو الخطمي، وأيضا فيه اضطراب في الإسناد وفيه اضطراب في المتن، ففي الإسناد يرويه أبو جعفر عن أبي أمامة بن سهل ابن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف ويرويه أيضا عن غيره، فجاء فيه اضطراب في تابعيه الذي يرويه عن عثمان بن حنيف فهو مضطرب، وكذلك في متنه علل منها: أن عثمان احتجب، والخلفاء الراشدون لم يحتجب منهم أحد قط، وعثمان بن عفان لم يحتجب عن الناس بل كان يذهب في الثلث الأخير من الليل إلى مؤخرة المسجد فيعلم الناس القرآن، وكان هو الذي يؤم الناس في الصلوات والجمع وغيرها، ويمشي في الأسواق ويقضي حوائج الناس، كما كان الخلفاء الراشدون كلهم كذلك، وفيه أيضا نكارة في رواية "اللهم شفعني فيه" فكيف يشفع هو ويطلب الشفاعة في النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك بعض من صححوه حملوه على أن المقصود بالتوسل هنا ليس التوسل بجاهه وإنما التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم في حياته، كما كان ذلك الضرير، وهذا الذي ذهب إليه ابن تيمية رحمه الله وهو ممن صحح الحديث، وقد ذكرنا أن تصحيحه صعب بالنسبة للصناعة الحديثية فلا يمكن تصحيحه بها تقريبا.
• السؤال: هل يجوز للمرأة المعتدة في عدتها أن تتكلم مع رجل كلاما عاديا، مع أنها تعلم أنه كان يرغب في الزواج بها قبل أن تتزوج؟.
• الجواب: بالنسبة للكلام في غير ريبة وغير خطبة للمعتدة مع أي أجنبي هو من الجائزة بل يجوز التعريض في العدة، وهو أن يقول لها الرجل إني فيك راغب، أو يقول لها لا تفوتينا في نفسك، أو أن يقول لها ما بك على أهلك هوان، فهذا هو التعريض وهو القول المعروف الذي أذن الله به في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا" فالقول المعروف هو التعريض.
• السؤال: كيف نحافظ على الخشوع في الصلاة؟.
• الجواب: ما أحوجنا جميعا إلى المحافظة على الخشوع في الصلاة، وأنا أحوجكم إلى ذلك، لكن المقصود هنا كيف نحصل الخشوع في الصلاة؟ لأن الحفاظ عليه بالكلية في كل جزئية من جزئيات الصلاة من الأمور المتعذرة الصعبة الشاقة، ولا يجب الخشوع في كل ركن من أركان الصلاة، بل قد قال العلامة محمد مولود ـ رحمة الله عليه ـ الخوف باستشعارك الوقوفا / بين يدي خالقك الرؤوفا. به ابن رشد الخشوع عرفا / وأي الأركان به كان كفى. إذا كان في أي ركن من الأركان فذلك كاف، محصل للخشوع المطلوب، والحشوع يمكن أن يحصل عليه الإنسان بحضوره في الصلاة وعدم غيابه عما يقول ويفعل، وبتذكره أنه يناجي ربه جل جلاله وباستحضار مكالمته له في الفاتحة، بأن يقف على رأس كل آية وينتظر جواب الرب جل جلاله فإنه يجيبه عن كل آية قرأها، وكذلك بكف بصره عن متابعة الأحداث، وكف سمعه عن الاستماع إلى الآخرين وإقباله على الله جل جلاله في الصلاة، وعدم التفكر في أمور الدنيا أو أمور الآخرة أيضا، فهي تشغل الإنسان عن الصلاة وعن الحضور فيها، كما قال محمد مولود ـ رحمة الله ـ وخَنزب وخِنزب وخُننزب / اسم لشيطان الصلاة ينسب. من أُرَبا مثلث الوترين / تفكيره أمرا من الدارين. عند دخولك الصلاة تشتغل / به فلا تصلحه ولا تصل، فقوله "من أُرَبا" أي من داعية مثلث الوترين، فالوتران فيه الحرف الأول منه وهو (الخاء) والحرف الثالث هو (الزاي) فكلاهما مثلث، "تفكيره أمرا من الدارين" أي من شؤون الدنيا أو من شؤون الآخرة، "عند دخولك الصلاة تشتغل به فلا تصلحه ولا تصل" فلذلك على الإنسان أن يحضر أولا ثم بعد الحضور يأتي الخشوع، والخشوع من الصعب الحفاظ عليه في كل الصلاة، لكن إذا حصل في أية ساعة منها فذلك كاف إن شاء الله تعالى.
• السؤال: ما هو تقويمكم لتنظيم الدولة؟ وهل يمكن أن نحكم عليه من خلال مجرد ما نشاهده في الإعلام؟، وهل اطلعتم على أخباره بالواقع؟.
• الجواب: بالنسبة لتنظيم الدولة بالعراق والشام يبدوا أنه من التنظيمات المحيرة في كثير من تصرفاته، فكثير من التصرفات والأعمال التي يعملها والأشرطة التي يخرجها تدل على أخطاء فادحة كبيرة وعلى ابتعاد عن النهج القويم الصحيح وعلى إسراف في الدماء وجسارة عليها، وأيضا على مناصرة للظلمة وأعداء الله في الشام.
• أما في العراق فلا شك أن الحشد الشعبي شر من تنظيم الدولة، الحشد الشعبي الشيعي أفعاله وأضراره بأهل السنة وإبادته لهم وإخراجه لهم من ديارهم وإحراقه وتهديمه لمساجدهم أعظم بكثير من أضرار تنظيم الدولة في العراق.
• أما في الشام فقد وجدنا أن تنظيم الدولة في الشام ينسق مع بشار والروس والإيرانيين في كثير من المواقف، ويقتل المجاهدين ويأخذهم أسرى ثم يذبحهم ذبحا، وكذلك يمثل بالجثث ويقطع الرؤوس، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة وصح عنه ذلك، وأيضا يقيم الحدود في وقت الحرب، ويقيمها على من لا يستحق الحد، كالذي يأخذ من الغنيمة قبل قسمتها وهو الغال، فهذا لا يقام عليه حد السرقة لأن له شبهة في الغنيمة، ففيهم جهل عجيب وجسارة على الدماء.
• وأما الموجودون في ليبيا فالذي ثبت لدينا أن هؤلاء ما لهم علاقة بالجهاد أصلا، وليسوا مثل الموجودين في الشام والعراق، وإنما هم من أصحاب الفلول من بقايا القذافي، ويدعون فقط هذا الاسم ولذلك تساعدهم أمريكا ويساعدهم الغرب.
• السؤال: هل يجوز للإنسان أن يوقف منزلا ويستثني منفعة سكناه مدة حياته؟.
• الجواب: نعم يجوز له أن يفعل ذلك على أنه وصية، أي أن يوصي بهذا المنزل أن يكون وقفا بعد مماته، وذلك بشرط أن يكون المنزل يمثل الثلث أو أقل من ماله، فلا يجوز للإنسان أن يوصي بأكثر من الثلث، وإذا قدر أنه أوصى بأكثر من الثلث أي أوصى بأن هذا المنزل وقف في سبيل الله فأمضى ذلك ورثته ولو كان أكثر من الثلث، فلا حرج في ذلك ويمضي لأن الحق منحصر فيه.
• السؤال: هل يجوز إدخال البنت التي تجاوزت العاشرة من عمرها في المدرسة النظامية، مع العلم أن المعلم أجنبي، ولا تدرس عليه شيئا ضروريا مما يجب عليها تعلمه؟.
• الجواب: بالنسبة للبنت إذا كانت في سن المراهقة فوصلت إلى العاشرة وما حولها فلا بد من العناية بدينها وأخلاقها وتعليمها، ولا بد من تربيتها على الحياء والابتعاد عن الرجال، والابتعاد عن مخالطتهم، والمدارس النظامية المختلطة في أغلب البلاد الإسلامية مع الأسف تربي البنات على البروز وترك الحياء والاختلاط بالطلاب والأساتذة والمعلمين والأجانب، فلذلك لا أفضل ولا أرى أنك ذلك من النصيحة للبنت التي هي أمانة ائتمنك الله عليها، فليس من المناسب أن تتركها في هذه المدارس المختلطة، ولكن لا بد أن تجد لها بديلا أن تعلمها، وتعليمها في البيت أو في المعهد الإسلامي لتعليم البنات، أو غيره من الأماكن التي ليس فيها هذا الاختلاط هو البديل، وليس البديل هو الجهل والجلوس دون تعلم ودون تعلم لما أمر الله به ودون تربية وعناية بأخلاقها وحيائها.
• السؤال: ما حكم الزواج الذي هو زواج صوري، يكتب على الأوراق فقط ولا حقيقة له، لأجل الحصول على الإقامة في البلاد المقدسة؟.
• الجواب: لا أرى إباحته، فالزواج يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة"، فلا بد أن يحذر الإنسان من حصول هذا الزواج لأنه ملزم، وهو زواج حقيقي في الشرع يتوارث به، فلذلك لا بد من الحذر منه، وبالأخص إذا كانت المرأة متزوجة، أو كانت ذات مانع يمنعها من الزواج.
• السؤال: هناك سائلة تقول أجد لونا أحمر قبل الحيض بيوم أو يومين هل أصلي به أو لا؟.
• الجواب: إذا لم يكن دما متصلا بالحيضة، بأن كان صفرة أو كدرة أو مجرد لون فإنه لا يمنع الصلاة بل هو يعد مما قبله، فهو تابع لما قبله، فالطهر الذي كانت فيه إذا ظهر فيه لون ولم يأت فيه دم خارج فيعتبر من الطهر، ولذلك الصفرة والكدرة وغيرهما من الألوان بحسب ما قبله، فإذا كان في أعقاب الحيض فهو منه، ولا يحصل الطهر إلا بالجفوف منه، وإذا كان في أعقاب الطهر فهو منه، ولا يمنع من الصلاة ولا من الصيام ولا من الجماع ما لم يأت خروج الدم، فالحيض إنما هو السيلان في الأصل، حاض الوادي إذا سال، فلا يطلق إلا على الدم الخارج بنفسه من قبل من تحمل عادة، وخروجه لا بد أن يكون أيضا غير لون تجده المرأة فقط، فمجرد اللون لا يكفي وليس هو الحيض، فالحيض لا بد أن يكون شيئا خارجا موجودا.
• السؤال: الصدقة هل الأفضل أن تكون في مجال الأمور الوقفية، كبناء المساجد ودعم المحاظر أم في المساهمة في دواء المرضى وما أشبه ذلك؟.
• الجواب: أبواب الخير كثيرة، وقد جعل الله للجنة ثمانية أبواب، وهي أوجه الخيرات المختلفة، فينبغي للإنسان أن لا يقتصر في الإنفاق على باب واحد، وأفضل ذلك ما كان أنفع وكان الإنسان فيه أكثر إخلاصا وصدقا، وما كان متعدي النفع، وما كان جاريا غير منقطع كالأوقاف فهي أكثر لأن المنتفع بها أكثر، فإذا وقف الإنسان مسكنا أو محلا، فإن ذلك يقتضي بقاء لصدقته حتى بعد موته، ومثل ذلك إذا أنفق على طلبة علم وعلم يتعلم فإن ذلك العلم سيكون في ميزان حسناته ويبقى له، ومثل ذلك الدعوة والجهاد في سبيل الله فكل ذلك من أفضل الأعمال، والجهاد ذروة سنام الإسلام، والمقصود به إعلاء كلمة الله مطلقا، فيشمل ذلك الجهاد بالقول والجهاد بالعمل، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" والله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: "وجاهدهم به جهادا كبيرا" "وجاهدهم به" أي بالقرآن "جهادا كبيرا"، فكل ذلك جهاد في سبيل الله.
• السؤال: متزوجة لا تحب زوجها، نتيجة لتصرفاته معها، وهي تخاف أن تقصر في حقوقه، فهل يجوز لها طلب الطلاق؟ وما الضرر الذي يبيح لها طلب الطلاق؟.
• الجواب: بالنسبة للزواج الأصل فيه أن يكون مدعاة للمودة والرحمة، كما قال الله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، وقد أوصى الله سبحانه وتعالى الزوجة بالإحسان إلى الزوج وأوصى الزوج بالإحسان إلى الزوجة، فقال تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم" "والصاحب بالجنب" هو الزوج والزوجة، فكل واحد منهما أوصاه الله بالإحسان إلى الآخر، وذلك يقتضي حصول المحبة، لأن الإحسان من أسباب المحبة "فطالما استعبد الإنسان إحسان"، وإذا حصلت البغضاء بين الزوجين فهذا من الأمور المنهي عنها، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن ساءه منها خلق سره منها خلق آخر" معنى "لا يفرك" لا يبغض بغضة الأزواج وهي الفِرك، "مؤمن مؤمنة إن ساءه منها خلق سره منها خلق آخر" فالإنسان لا يمكن أن يجد من يلائم طبعه مائة بالمائة، وتسليته عما يخالف طبعه أن الطرف الآخر سيصبر منه هو على مثلها، ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها / كفى المرء نبلا أن تعد معايبه، ولست بمستبق أخا لا تلمه / على شعث أي الرجال المهذب. وإذا حصلت النفرة وخافت المرأة أن لا تقوم بحق زوجها فلها حينئذ أن تسأله الخلع، وأن ترد إليه ما دفع لها من الصداق في مقابل الفراق، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول جاءت تشكو زوجها ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنهما فقالت: يا رسول الله إني لا أنقم على ثابت في دين ولا مروءة ولكني أكره الكفر بعد الإيمان أي أنها تكرهه كما تكره الكفر بعد الإيمان، فسألها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتردون عليه حديقته، قالت: نعم وأزيده، فدعا ثابت فقال: ردي عليه الحديقة، وأمره أن يطلقها، وذلك عندما يخاف التفاقم وفساد الأسرة وكان المشروع فاسد بالكلية، أما قبل ذلك فلا بد من العلاج وقد بين الله مراحل العلاج وقال: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما" وهذا المطلوب، فالإصلاح مطلوب في ذلك كله، ومن قرأ سورة النساء سيجد فيها كثيرا من السعي للإصلاح في الأسرة، والله سبحانه وتعالى هو المصلح، وإذا كان لا بد من الفراق فهو حق بيد الزوج فلها أن تعرض عليه الخلع وذلك حقها.
• أما الضرر البين فيبيح لها أن تسأله الطلاق، والضرر المبين كما إذا ضربها أو آذاها بلسانه أو آذى أهلها أو كان هو فاسقا، ليس كفؤا للملتزمة، كما إذا كان مقصرا في أمور الصلاة و الطهارة أو كان يشرب الخمر أو كان يصحب أهل السوء وما كان كذلك فلها الحق حينئذ أن تسأله الطلاق، ومثل ذلك إذا منعها من حقوقها كما إذا قصر في النفقة أو منعها الخروج للتعلم أو الدعوة أو نحو ذلك، فهذا ظلم لها وهو من الظلم البين، فلها حينئذ أن تسأله الطلاق بذلك، وما سوى ذلك لا يحل لها أن تسأل به الطلاق.
• السؤال: سائل يقول بجواري مساجد بعضهم يقدم الصلاة وبعضهم يؤخرها أي ذلك أفضل؟ وهل للمرأة التي تصلي في بيتها بالمسجد مثل فضل من يشهد الصلاة في المسجد؟.
• الجواب: بالنسبة للصلاة في أول وقتها دائما أفضل، إلا صلاة الظهر فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبرد بها في وقت شدة الحر، وقال: "إذا اشتد الحر فابردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم"، وقد صح عنه أنه قال: "اشتكت النار إلى ربها فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف وذلك أشد ما يكون الحر والبرد"، وقد أخرج مالك في الموطأ أن عمر كتب إلى عماله في وقت الظهر أن أخر الظهر حتى يكون الفيء ذراعا، وهذا التأخير عند المالكية هو الإبراد في جميع فصول السنة، ويزاد لشدة الحر، والذراع هو: ربع القامة، وكذلك العشاء في المدونة ندب تأخيرها قليلا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخر العشاء ليلة فقال عمر: نام النساء والأطفال والولدان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنه لوقتها ولولا أن أشق على أمتي لأخرتها إليه" وفي ليلة أخرى أخر صلاة العشاء كثيرا حتى كانوا يغطون في مجالسهم فدخل عليهم، فقال أما إنه لم يخفش علي مكانكم ولكني علمت أنها لا ينتظرها الليلة سواكم، فتأخير العشاء أيضا فيه بعد الآثار كما أخرج مالك في الموطأ في كتب عمر إلى أبي موسى وأخر العشاء ما لم تنم فمن نام فلا نامت عينه فمن نام فلا نامت عينه فمن نام فلا نامت عينه، وما سوى ذلك من الفرائض فالأصل تقديمها وتعجيلها في أول الوقت، فإن أول الوقت أفضل إلا لقصد اجتماع الجماعة، فلذلك إذا كان أحد المساجد يعجل الصلاة في أول وقتها فهو أفضل من الذي يؤخرها، إلا ما ذكر من تأخير الظهر والعشاء، أما العصر فقد جاء في حديث البراء رضي الله عنه قال: "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا"، وهذا هو الإبراد في العصر وقد قال به أشهب من المالكية، ولكن حديث البراء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشكهم فلم يأذن لهم في تأخير العصر، وقد كان يصلي العصر والشمس بيضاء نقية مرتفعة.
• أما اقتداء المرأة بالإمام وهي تسمعه فإن كانت لا تختلط عليها أصوات الأئمة ولا ينقطع عنها الصوت عادة فيحصل لها أجر دون أجر من ذهب إلى المسجد، لأن فضل الجماعة أجره ملفق، ففيه الخطا وتكثير السواد والوقوف في الصف وعمارة المساجد والملائكة يكتبون الناس على أبواب المساجد الأول فالأول، وهذه الأمور لا تحصل لمن صلى في بيته، لكن مع ذلك إن كانت يخاف عليها الفتنة أو يخاف منها أو إذا خرجت ضيعت أمانة الله لديها كحضانة بناتها أو نفقة أهلها، فحينئذ يشرع لها أن تصلي في بيتها وتكون صلاتها أفضل كما في حديث أم حميد الساعدية رضي الله عنها.
• السؤال: هل يمكن أن يخرج الرجل الزكاة على ابنته أو أخته المتزوجة والتي لديها عيال؟.
• الجواب: الزكاة ليست من مال الرجل حتى يتخير فيها ويعطيها لأقاربه، فهي جزء استثناه الله من أموالنا ولم يجعل قسمته إلينا، بل تولى قسمتها بنفسه ولم يكلها إلى نبي مرسل ولا إلى ملك مقرب، وعلى هذا فإن الزكاة إنما تقسم في مصارفها الثمانية التي بينها الله والأصل أن لا يتولى الإنسان توزيعها بنفسه، بل يوكل عليها ولم يكن الصحابة يتولون ذلك وإنما كانوا يوكلون عليها في العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين كان الساعي يأتي فيأخذها ثم يوزعها الرسول صلى الله عليه وسلم أو الخلفاء الراشدون من بعده وكان الناس يتحرجون من إخراجها بأنفسهم، فيوكلون عليها والتوكيل عليها أفضل من المباشرة في إخراجها، لأنه أقل منة وأبعد عن المحاباة، وبالنسبة لابنت الإنسان وأخته والقريبات منه ومثل ذلك من ينفق عليه بالمروءة لا يجزئ دفع الزكاة إليه على الراجح أيضا حتى لو دفعها إليها لا يجزئ ذلك على الراجح، لأنه بذلك يصون بها ماله، فيجب لها حق آخر هو صلة الرحم، ولها حق في المروءة، والزكاة لا يصان بها المال ولا تقضى بها الحقوق والديون، وقد قال العلامة محمد مولود رحمة الله عليه: لا تجعلن عرضا بها مصونا / أو عرضا فتمنع الماعونا.
• السؤال: هل يعتبر عناد الرجل مع والديه في اختيار الزوجة عقوقا، مع العلم أنه إذا لم يفعل ما يريدان قد يؤدي الأمر إلى قطيعة وسوء في العلاقة بينهما؟.
• الجواب: الراجح أن الرجل لا يجب عليه طاعة الوالدين في تحديد الزوجة واختيارها لأن هذا من الأحوال الشخصية وكل إنسان يعلم من يناسبه، ولا يمكن أن يفرض عليه من لا يناسبه، ولكن مع ذلك إذا عرف أن هذا سيكون مدعاة لمقاطعة والديه له وهجرهما له فليس له أن يقدم على أمر يؤدي إلى ذلك، لكن بالرفق والإقناع والحوار والمناقشة بالتي هي أحسن يمكن أن يقنعهما، فإن أبا بكر الصديق لما أمر ولده أن يطلق عاتكة بنت زيد بن عمر بن نفيل، وهي التي تلقب بعاتكة الشهداء لأنها لا يولد لها، حزن على ذلك حزنا شديدا، فسمعه أبو بكر يقول: ولا مثلها في غير شيء يطلق، في أبياته فأمره بمراجعتها فتوفي عندها وورثت منه، وقد نظم ما يتعلق ببر الوالدين في النكاح العلامة أحمد فال وأدرج ذلك ابنه محمد مولود في نظم البرور بقوله في برهما في النكاح.
• السؤال: يريد أحدهم معرفة رأي الشيخ في ما يسمى "بالكيص" وهو عدة نساء لديهن صندوق يجمعن فيه مبلغا معينا ثم يقترعن كل شهر على من تأخذه، هل هذه الصيغة جائزة؟ وهل يمكن أن تحور إلى صيغة جائزة؟.
• الجواب: بالنسبة لهذا التعامل الفاشي الذي يسميه الناس "بالكيص" وهو أن يجمع مبلغ تستوي فيه الدافعات كل واحدة تدفع منه جزءا محددا ثم عند نهاية الشهر يعطين المبلغ كاملا لإحداهن وفي الشهر القادم يعطينه لأخرى، هذا يدخل في سلف جر نفعا، لأن المشاركة فيه إنما أقرضت الأخريات لقصد أن تنتفع هي ولم تقرضهن لقصد الآخرة، والقرض لا بد أن يكون لوجه الله للدار الآخرة، فإذا أقرض الإنسان غيره من أجل أن يقرضه فهذه أم من أمهات الربا وهي أسلفني على أن أسلفك، فلذلك لا يجوز مثل هذا النوع سواء كان بالقرعة أو كان بالاتفاق على ترتيب معين، فكل ذلك يؤدي إلى هذه الأم من أمهات الربا وهي اسلفني على أن أسلفك.
• السؤال: امرأة طلقها زوجها وبعد انتهاء الحيض مباشرة ولم يمسها بعده، هل يحسب ذلك الطهر من عدتها أم لا؟ وجزاكم الله خيرا، وبعد الإجابة عن السؤال نلتمس منكم الدعاء جزاكم الله خيرا وتقبل منكم.
• الجواب: بالنسبة للطهر الذي طلقت في المرأة مختلف فيه هل يعد من العدة أم لا؟ وذلك بناء على الخلاف في تفسير قوله تعالى: "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" فبعض أهل العلم فسر القرء هنا بالطهر، وبعضهم فسره بالحيض، ومذهب مالك أن المقصود بالقروء هنا الأطهار لا الحِيَّض وعلى هذا فيعد من العدة لأن الله قال: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" وذلك عند مستأنَف عدتهن فيكون هذا الطهر من العدة، والذين يرون أن المقصود بالقروء هنا الحِيَّض فإنهم يرون أن العدة لا تكون حتى يأتي الحيض الثالث، وذلك له أصل في اللغة كذلك فإن القَرء والقُرء يطلقان على الحيض وعلى الطهر، فمن إطلاقهما على الحيض قول الراجز: يا رب ذي ضغن علي قارضي / له قروء كقروء الحائض، ومن إطلاق القَرء والقُرء على الطهر قول الأعشى: أفي كل عام أنت عازم غزوة / تشد لأقصاها عزيم عزائكا، مورثة مالا وفي الحي رفعة / لما ضاع فيها من قروء نسائكا، من قروء أي من أطهار نسائك.
• الدعاء.
- القسم: الفتاوي
- تحميــل
- المشاهدات:23536
آخر تحديث للموقع: الثلاثاء, 12 نوفمبر 2024 13:54