رسالة الشيخ الددو إلى العاملين في مجال التنقيب عن الذهب

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و أصلي و أسلم على سيد الأولين و الآخرين نبينا محمد و على آله و أصحابه ومن أهتدى بهديه و استن بسنته إلى يوم الدين السلام عليكم ورحمة الله و بركاته هذا إعلام إلى إخواني و أحبتي العاملين في مجال التنقيب السطحي عن الذهب في موريتانيا و ما حولها أولا أذكركم أن التحرك لطلب الرزق محمدة و مطلوب و من لوازم العقل و أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً، " و هذا المثال يدل على أن التسبب لا ينافي التوكل لأنه قال " تغدوا خماصا و تروح بطانا " فالطير لا تبقى في عشها تنتظر رزقها بل تتحرك تغدوا و تلتقط و تروح بطانا، و لذلك طلب الرزق لا شك أنه مطلوب؛ و لكن لا بد أن يكون مع طلب الرزق الإجمال في الطلب و أن يحرص الإنسان على أن لا يعرض نفسه للمهالك والمعاطب وهو غني عن ذلك، فإن كثيرا من التعريض للمهالك محرم شرعا، و ذلك ما يكون في غير حماية الدين، كطلب الرزق و التجارة و غير ذلك فإن تعريض الانسان نفسه للضياع و الهلكة في ذلك ممنوع و محرم، وهو مما يقترب من قتل النفس و قد قال الله تعالى في قتل النفس { وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } و قال أيضا :{ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} و طلب الرزق في حال التنقيب السطحي عن الذهب لا بد فيه لكثير من الاحتياط و أن لا يعرض الإنسان نفسه للهلاك من غير الأخذ بالأسباب فيأثم و تكون مسؤولية هلاكه عليه أو مسؤولية كسره أو عطبه عليه هو فهو المسؤول عن ذلك شرعا و هنا أثمن الجهود التي قامت بها شركة المعادن و الحكومة الموريتانية في الآونة الأخيرة بالخصوص في بذل الجهد في إنقاذ من يجب إنقاذه و أنبه إلى أن هذا الانقاذ فرض واجب يتعين على من اشتغل به كالحكومة و الشركة و يكون فرض كفاية على الآخرين إلا من حضر و قدر فيتعين عليه السعي فيه و لكن مع عدم تعريض الأحياء للهلكة فانقاذ من وقع في هلكة شرطه الأمن من الوقوع فيها و لا بد من التأكد من السلامة والأخذ بالاحتياط للذين هم فوق الأرض والسعي لانقاذ من تحت الأرض بالوسائل الآمنة المناسبة و لا بد أن يدرك الإخوة جميعا والباحثون والمنقبون أن الأرزاق قد كتبت وأن الله سبحانه و تعالى تعهد بها فقال : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } و أن كل ما في هذه الارض من الارزاق خلقه الله تعالى في الايام الأربعة الأُولِ من خلق العالم فقال : { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ } فالأقوات قدرها الله تعالى في الأيام الأربعة الأول من خلق الأرض قدر فيها أقواتها أي جميع الأرزاق التي فيها، و لذلك لا بد أن تجملوا في الطلب و أن تحذروا من المخاطرة و أن تحذروا من كل ما يؤدي إلى الهلاك فإن الإنسان إذا رأى جدارا مائلا و جلس تحته حتى وقع عليه يكون قاتلا للنفس، و كذلك إذا رأى سيارة مسرعة إليه فوقف ينتظرها فهو قاتل للنفس، ومثل ذلك أيضا هذا الحفر الذي لا يكون على أسس علمية و من غير معرفة لطبيعة التربة و من غير اعتماد على رأي أهل الخبرة فهو أيضا من الأمور التي لا يحل الإقدام عليها و لا بد أن يكون الإنسان في إقدامه و بحثه عن الرزق الحلال آخذا بالأسباب التي لا بد من الأخذ بها شرعا و منها: رأي أهل الخبرة و منها أخذ الاحتياطات كلها وعدم تتبع العروق المائلة التي تُدْخل الإنسان في أعماق الأرض، فهذا التنقيب إنما هو تنقيب سطحي، و لذلك لا بد أن يكون فيه احتياط كبير في الدخول و الخروج و الحفر، وأن يحذرالإنسان من كل ما يؤدي إلى تتبع تلك العروق التي تدخل في باطن الارض و يؤدي ذلك إلى حفل الخنادق المائلة التي غالبا ما تؤدي إلى انسداد الاوكسجين عن الموجود فيها بسقوط الحجارة وبالردم وانهيارالتربة، فلذلك لابد من الحذرغاية الحذر من هذا النوع من المخاطرات. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم أجمعين وأن يلهمكم الرشاد و الصواب وأن يرزقكم من الحلال وأن يحفظكم بما يحفظ به عباده الصالحين وأن يرحم إخواننا الذين ماتوا في هذا الهدم وأن يجعلهم أجمعين من الشهداء الشافعين المشفعين يوم القيامة - فقد عد الميت في الهدم من الشهداء - نسأل الله سبحانه و تعالى أن يفتح لكم خزائن رزقه و أبواب فضله وأن يحفظكم أجمعين من كل سوء و مكروه السلام عليكم ورحمة الله و بركاته أخوكم محمد الحسن الددو