انتصارات المسلمين في رمضان 2


تتناول الحلقة الثانية من موضوع: "انتصارات المسلمين في رمضان"، الحديث عن: معركة حطين ومعركة الزلاقة ثم معركة عين جالوت، وذلك من خلال الأسئلة التي يطرحها المُحاور كما يلي: • متى وقعت معركة حطين وما هو مسارها؟؟. • من معارك الإسلام الفاصلة التي كانت في شهر رمضان المعظم هذه المعارك الثلاثة وهي معركة حطين ومعركة الزلاقة ومعركة عين جالوت، وذلك أن اثنتين من هذه المعارك كانت مع الصليبيين الغاصبين لبلاد المسلمين والثالثة كانت مع التتار الذين قهروا الجيش الشرقي من جيوش الإسلام، فمعركة حطين سببها في الأصل أن البعثات الصليبية التي كانت من ورائها الكنيسة وكانت تجمع الجيوش في مدينة آخن في ألمانيا من كل أوربا وقد جمعتهم تحت قيادة موحدة وذلك هو أول تجربة لتكوين جيش واحد بمختلف اللغات، وكانت هذه الجيوش تغزوا بحملات وحروب بلاد المسلمين وهدفها هو احتلال المسجد الأقصى وفلسطين، وبعض هذه الحملات لم تتعدى الإسكندرية وبعضها في دمياط وبعضها وصل إلى عسقلان وقد ساعد في ذلك نصارى أهل الشام من عكة وما حولها من بلاد لبنان، وقد كان حكام بلاد المسلمين في المغرب إذ ذاك ضعفاء عن مقاومة هذه الحملات وبالأخص أنها كانت تأتي في البحر الأبيض بالسفن ولم يكن للمسلمين أسطول بحري يكفي لردها داخل البحر فتأثرت الثغور الإسلامية في شمال مصر وفي شواطئ الشام تأثرا بالغا بهذه الحملة، وقد كان عدد من أمراء الجيوش الإسلامية يقاتلون وينكون في بلاد الروم وقد كان منهم سيف الدولة ابن أبي الهيجاء بن حمدان التغلبي وكان أمير حلب في بلاد الشام، فقد قاتل الروم في عدة حملات صليبية واسترجع منهم بعض الحصون مثل حصن الحدث وغزا حتى أوصلهم إلى داخل عدد من البلدان داخل بلادهم ومع ذلك لم يستطع سيف الدولة رد العدوان بل اعتقلوا صهره أخا زوجته وابن عمه أبا فراس الحمداني وأنكوا وقتلوا من جيشه كثيرا ولكن حكام مصر إذ ذاك من العبيديين الفاطميين وكانوا في آخر دولتهم وقد شاخت وضعفت وكان من أمراء الأجناد إذ ذاك صلاح الدين الأيوبي وهو شاب كردي جاء من شمال العراق، أي من الأكراد واستقرت أسرته بمصر ، كان شديد الغيرة على الدين وصاحب التزام وورع وخوف من الله . • كانت أول الخطوات التي قام بها صلاح الدين أن أزال دولة العبيديين بالتدريج فلم يرق دما وأخذ هو الحكم في مصر ثم ضم الشام إلى مصر وبدأ الغزو ودمر أنقاض حصن الروم ليصل إلى بيت المقدس، ووصل إلى بيت المقدس واستعاده بهذه المعركة الفاصلة التي كانت في رمضان، وقد قارن المؤرخون بين يوم دخول الصليبيين بيت المقدس وبين يوم دخول صلاح الدين له فيوم دخول الصليبيين إلى مدينة القدس سالت الفجاج بالدماء وقتل 700 ألف وقتل الصبيان والنساء وهدمت البيوت وأحرقت المساجد وأحرقت المكتبات، واليوم الذي دخل فيه صلاح الدين كان يوم أمن ورخاء فلم يرق فيه ماء لأحد ولم ترق فيه الدماء وجاء النصارى إلى كنائسهم في أمن وأمان ودخل صلاح الدين وأصحابه وهم يلبسون البياض متطهرين إلى المسجد فطهروه من الأرجاس والأنجاس وصلوا فيه وخطب فيه خطبة الجمعة وأهدى إلى المسجد منبرا كان قد صنعه في مصر، وقد عرف هذا المنبر بمنبر صلاح الدين واستمر إلى أن أحرقه الصهاينة عام 1967 وجدد الآن منبر صلاح الدين وقد بقيت منه بقية إلى الآن. • كانت هذه المعركة فاصلة لأنها أوفقت الحروب الصليبية وكانت نهايتها بالكلية فلم يعد الصليبيون يطمعون في احتلال الشام ولا أرض مصر بعد ذلك وتراجعوا وانقسمت أوربا بعد ذلك إلى مملكات ثم انشغل الأوربيون بالصراع فيما بينهم وتأخروا بسبب هذه الحرب تأخرا بليغا هو الذي عبروا عنه بالقرون الوسطى التي كانت فيها هزيمة الأوربيين وتراجع فيها أداء الكنيسة وكان ذلك سببا لقيام الثورة الفرنسية التي غيرت مسار أوربا وغيرت الأحداث فيها. • ثم المعركة الثانية كانت كذلك حربا مع الصليبيين وهي حرب الزلاقة وكانت في رمضان أيضا وسببها أن "الإدنفنش" هو ملك اسبانيا والبرتقال كان يريد احتلال الأندلس وقتل المسلمين واليهود الذين فيها وخطط لذلك منذ فترة وكان ملوك إسبانيا يتعاقبون على ملكها وهم يجعلون هذا الهدف نصب أعينهم فكان ملوك الأندلس إذ ذاك ضعافا لا يستطيعون مقاومة هذا المد الاستعماري وقد خرج أحد أمراء الأندلس وهو المعتمد بن المعتضد بن عباد وكان ملك قرطبة وإشبيلية فخرج مستنجدا بأمير المسلمين يوسف بن تاشفين فلما أتاه قيل له إنك ستذل له، فقال: والله لأن أرعى جمال المرابطين أهل الصحراء أحب إليّ من أن أرعى الخنازير للنصارى فجاء إلى يوسف بن تاشفين فأخبره عن أهل الأندلس وما حصل فيها من الأذى للمسلمين وأن النصارى يفتكون في البلاد، فتحركت غيرة يوسف بن تاشفين وكان ذلك في وقت الإفطار فلما صلى صلاة العشاء وأكمل التراويح وكانت ليلة جمعة نادى مناديه في الناس بالغزو فخرج بثلاثين ألفا من المرابطين ومعهم أعداد من أهل المغرب فدخلوا إلى جبل طارق واستمروا مدة أسبوع فخاطبهم ملك الروم وقد جاء في غزو فقال اليوم يوم جمعة وهو عيدكم معشر المسلمين فنترك القتال فيه وغدا يوم السبت وهو يوم عيد اليهود وهم ذوو كثرة في الأندلس فنترك القتال فيه ويوم الأحد يوم عيدنا فنترك القتال فيه وموعدنا يوم الاثنين، فرح المسلمون بذلك وظنوا أنه صادق لكن يوسف كان صاحب حزم فكان يخطب خطبة الجمعة يوم الجمعة فثارت الخيل في وجهه فعلم أن الروم قد نقضوا العهد فركب على جمل له أحمر ودخل المعركة وكان المعتمد بن عباد يقاتل بين يديه حتى شقت قلنسوته فتطاير منها الكتان الأبيض في وجه العدو. • كانت المعركة فاصلة حيث قتل فيها أعداد هائلة من جيش الروم وهزموا شر هزيمة وما ردهم إلا النهر، وتفرقوا في البلاد ووصلت فلولهم إلى فرنسا، وأخرت هذه المعركة الاحتلال عن بلاد الأندلس قرونا كثيرة لكن يوسف بن تاشفين علم أن الملوك الضعفاء في الأندلس وهم ملوك الطوائف لا يمكن أن يحافظوا على هذه الثغور الإسلامية فأزالهم عن الحكم جميعا وأخضع الأندلس إلى سلطانه هو لا رغبة في الحكم والملك وإنما رغبة في تقوية الإسلام وأهله. • وكان من الذين مانعوا في ذلك المعتمد بن عباد على بلائه في الإسلام وقتاله في معركة الزلاقة لكنه مع ذلك لم يرض أن تنتزع منه مملكته وقد قال أحد الشعراء ممن يتندرون بهذه المملكة: • مما يزهدني في أرض أندلـسٍ *** أسمـاءُ معتمـدٍ فيها ومعتضـد • ألقاب مملكة في غير موضعها *** كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد. • والمعتمد بن عباد كان شاعرا وقد جاء به يوسف بن تاشفين فسجنه في سجن أغمات في جنوب المغرب في الصحراء ومات هناك ودخل عليه شاعره وكان يمدحه في ملكه في الأندلس فرآه وهو يشتغل شغل الحداد فأنشد بين يديه قوله : • للنفخ في الصور هول ما حكاه سوى *** أني رأيتك فيه تنفخ الفحما. • أدخلت في آلة الصواغ أنملة *** لم تدر إلا الندى والسيف والقلما. • يدا عهدتك للتقبيل تبسطها *** فتستقل الثريا أن تكون فما. • وقد كان لهذه المعركة امتداد كبير في دولة المرابطين وانتشارها وكان لها أثر في انتشار العلم وانتصاره، ومع ذلك فاتنا كثير من العلوم التي رماها الاسبانيون في الأنهار فكثير من مخطوطات الإسلام ضاعت بالكلية. • سؤال: كيف كان مسار معركة عين جالوت؟؟. • لقد كان جيل التتار من أقوى أجيال العجم وكانوا أمة غالبة في الشرق وسيطروا على كثير من بلاد الصين وغيرها وقد اشتدت قوتهم وشكيمتهم وكان لهم سلاح بارز وظن الناس أن جيشهم هو الجيش الذي لا يهزم فغزوا بلاد المسلمين فسيطروا على بلاد إيران ثم دخلوا العراق وقتلوا الخليفة وكان ذلك بتمالأ الوزير ابن العلقمي معهم فدخلوا بغداد سنة 650هـ وقتلوا الخليفة العباسي وقتلوا معه أكثر من 120 ألفا ذبحا وألقي الرعب في نفوس الناس منهم فكان الرجل من التتار يقول لجماعة من المسلمين انتظروني هنا حتى آتي بسكين أذبحكم بها فينتظرون حتى يُذبحوا، وكان يُرسل شخصا فيقول اذهب فأت بسكين أذبحك بها فيأتي بسكين يذبحه بها، وكانو يذبحون الناس كما تذبح الخراف، وقد ضعف أهل العراق عن مقاومتهم كما ضعف أهل الحجاز وانشغل أهل المغرب إذ ذاك فكان الجيش الإسلامي هو الجيش الموجود في الشام ومصر، وكان ملوك هذه البلاد أيضا مشغولون بالترف واللهو وجمع المال وكان كثير منهم من المماليك الذين كانوا ملكا للدولة الإسلامية فسيطروا على الدولة فقام العلماء بالتصدي لهذا الغزو الغاشم ومنهم سلطان العلماء العز بن عبد السلام الذي أفتى بقتل رسل التتار وتعليق جثثهم على المنابر حتى يعلم الناس أنهم ليسوا أسطورة وأنهم يمكن أن يقتلوا وهو الذي باع الملوك من الأمراء الذين هم مملوكون لبيت المال لتجهيز الجيش وكان صاحب قوة حتى إنه لما أتى مصر توقف المنذري عن الفتوى وقال لا أفتي ببلد به العز بن عبد السلام، ولما أراد سلطان مصر مضايقته خرج بحماريْن على أحدهما زوجته وعلى الآخر كتبه فتبعه أهل مصر، فجاء الوزير إلى سلطان مصر وقال: إن كنت تريد أن تحكم أهل مصر فهم جميعا مع العز بن عبد السلام فخرج الملك في أثره واسترضاه حتى رجع ورجع الناس معه، وكان العز بن عبد السلام لا تأخذه في الله لومة لائم. • وقد تحرك أهل الشام بعلمائهم ومنهم شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني وقد حرك أهل الشام للقتال وهيأهم لذلك وهيأ أمرائهم وأفرادهم وتجارهم وجمع المال والتجار لتجهيز الجيوش وكان التتار إذ ذاك على مشارف دمشق وسيخضعون دمشق والقاهرة بعدها كما فعلوا ببغداد، فوقف العلماء في وجههم واستجاب لهم سلطان مصر فكانت هذه المعركة الفاصلة في رمضان وقد انهزم فيها جيش التتار وتراجعوا وقتلت منهم أعداد كبيرة ثم أعلنوا أنهم دخلوا في الإسلام ومع ذلك بقوا يتحاكمون إلى أول قانون عرفته الأمة الإسلامية وهو الذي يسمى "بالياساق" أو "الياسق"، وهو قانون وضعه التتار من أعرافهم وعاداتهم وكانوا يحكمون به بدل الحكم بما أنزل الله، ودخل بعض ذرياتهم الإسلام ولكن مع ذلك بقي كثير من ملوكهم على غير التزام فكانوا أهل خمر وأهل فجور، ولكن المسلمين تصدوا لهم تصديا متينا هزموا على أساسه. • وهذه المعركة كانت لمصلحة الإسلام لأنها أخضعت التتار وجعلتهم من جنود الإسلام وأصبحوا يدافعون عن الإسلام بعد أن كانوا جنودا معتدين وقد قتلوا الخليفة وأزالوا دولة الإسلام وبقي المسلمون ثلاث سنوات ليس لهم خليفة لكن مع ذلك كان لهذا أثر كبير في عزة الإسلام فيما بعد ونصرته وكذلك فيما بعد هولاكو فقد دخل أولاده في الدين وكان بعض أحفاده كجانكيس خان الذين أعلنوا إسلامهم وجاهدوا حتى فتحوا بعض البلدان. • الدروس والعبر المستخلصة من هذه الوقائع التاريخية؟؟. • من أهم الدروس والعبر التي تستخلص من هذه المعارك أن من نصر الله نصره الله وهذه سنة كونية ثابتة أكدها الله في كتابه فقد قال: " ولينصرنّ الله من ينصره"، وقال: " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم". • والدرس الثاني أن النصر ليس بالعُدد ولا بالعَدد وإنما هو بالإيمان والإقبال على الله والصبر، فالنصر مع الصبر. • وكذلك من الدروس والعبر أن المسلمين لم ينصروا هذا الدين بالقتل والسلب وإراقة الدماء وإنما قاتلوا من أجل إعلاء كلمة الله ونصرة دينه والدفاع عن المظلومين والمضطهدين وكذلك منها أن رمضان وقت مناسب لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه لما تتهيأ له النفوس من التضحية والبذل. • وفي الأخير تلقى الشيخ بعض الأسئلة من الحاضرين في موضوع الانتصارات في رمضان وأجاب عنها إجابات وافية حفظه الله. • حلقة مهمة ومفيدة ندعوكم لمتابعتها .



آخر تحديث للموقع:  الجمعة, 12 أبريل 2024 20:59 

النتائج النهائية لمسابقات دخول المركز

اشترك في القناة

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

جديد الموقع

إحصائيات

المتصفحون الآن: 27 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow