القضاء والقدر 3


• بدأ المُحاور مع الشيخ في هذه الحلقة الثالثة من القضاء والقدر بطلب التعليق على نص كلام الغزالي الذي يقول: ".. من هنا يأتي الشيطان للإنسان فيقول: لا حاجة لك في العمل لأنك إن خلقت سعيدا لم يضرك قلة العمل أو شقيا لم ينفعك، فإن عصم الله العبد رده بأن يقول إنما أنا عبد الله وعلى العبد امتثال العبودية والرب أعلم بربوبيته يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، ولأنه ينفعني العمل كيف كنت، لأني إن كنت سعيدا احتجت إليه لزيادة الثواب أو شقيا فكذلك كي لا ألوم نفسي على أن الله لا يعاقب على الطاعات بكل حال"؟؟. • الشيطان حريص على إغواء الإنسان ولا يقنط منه على أي حال إلى أن يصل إلى الموت، فلذلك إذا كان محسنا حاول إدخال العجب عليه بعمله وإذا كان مسيئا حاول تيئيسه وتقنيطه من رحمة الله، ومن ذلك السعي لاستدلاله بالقدر، فالقدر يُستدل به في المصائب لا في المعائب؛ معناه يُتسلى به عن المصائب ولكن لا يستدل به في المعاصي، وإن كنا نعلم أنها من خلق الله لكن ليست من فعل الله بل هي من فعل فاعلها، وهنا لا بد من التنبيه على أن من يميز بين الخلق والفعل لا يميز بين العبودية والربوبية، فالخالق لا بد أن يكون ربا، فلا خالق إلا الله جل جلاله، والفعل يصدر من المالك ويصدر من المملوك، فالذي يريد تمام الحرية في التصرف معناه يريد أن يكون ربا خالقا لشيء من هذا العالم فيكون ندا لله وهذا مستحيل. فالإنسان حر في جانب واحد وهو أفعاله، ولكن لا يخلق أفعاله، ولذلك هو مأمور بالطاعات أمرا تشريعيا وذكر له الثواب المترتب عليها، ومنهي عن المعاصي وذكر له العقاب المترتب عليها، وشرع له التنافس مع غيره، وأريّ الطريق وأرِيّ أيضا أمثلة من الصالحين الذين فازوا ورجحت كفاتهم وعلت قاماتهم وكان لهم المقام المحمود الذي هو أهل لأن يتبع صاحبه، فلذلك قامت الحجة على الإنسان بهذا، ولهذا فهو مقصد القدر كيْ لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم". • القاعدة المضطردة في هذا "ا، الخير يأتي ابتداء من عند الله والشر لا يأتي إلا ابتداءً فلا يمكن أن يظلم الله أحدا"، لكن يمكن أن يبتليه فلا يكون شرا بالنسبة إليه ويمكن أن يأتيه الشر بسبب ذنبه، " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير"، وما كان ابتلاءً ليس شرا ولا عقوبة من جزاء الذنب لأن الدنيا ليست دار جزاء ولكنها دار عمل والآخرة دار جزاء ولا عمل. • حديث: "لا يرد القدر إلا الدعاء"، ونحن نعلم أن القدر مكتوب رفعت الأقلام وجفت الصحف، فكيف يُفهم أن الدعاء يرد شيئا من القدر ؟؟. • ذكرنا أن القدر يرد بعضه بعضا كالإرادة والمشيئة وكل ذلك من تجاذب الإرادتين وهو مربوط بالشروط وانتفاء الموانع في اللوح المحفوظ، وفيما دونه من الصحف لكن في أم الكتاب عند الله ثابت ليس فيه شروط وانتفاء موانع ومن هنا فالأقدار بعضها يرد بعضا كالدواء يرد المرض، • ما تعليقكم على كلام الغزالي: ".. فإن قيل ما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء فإن الدعاء سبب رد البلاء كما أن البذر سبب خروج النبات من الأرض وكما أن الترس يدفع السهم فكذلك الدعاء يرد البلاء. • الأسباب كما سبق قسمناها إلى قسمين: أسباب كونية وأسباب شرعية منها الدعاء، والدعاء جربت منفعته في هذه الأمور، فكل ما كان مربوطا بالشروط وانتفاء الموانع وعلم الله أن الإنسان إذا دعاه مخلصا له يستجاب له فيرفع عنه البلاء فهو داخل فيما ذكرناه من الشروط وانتفاء الموانع، وإذا علم الله أن البلاء لن يرفع كتب الأجر للداعي ورفع له الدرجات وعوضه عن ما فاته بما هو خير من ذلك وهو المطلوب أن يكون الدعاء هو العبادة. • في نهاية الحلقة أجاب الشيخ على استفتاءات بعض المتصلين على البرنامج في مواضيع مختلفة. • حلقة متميزة تناقش الكثير من الإشكالات العقدية في موضوع القضاء والقدر، ندعوكم لمتابعتها كاملة.



آخر تحديث للموقع:  السبت, 16 مارس 2024 18:39 

النتائج النهائية لمسابقات دخول المركز

اشترك في القناة

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

إحصائيات

المتصفحون الآن: 37 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow