ردود على الأسئلة الواردة للموقع ج2

السؤال: ما حكم الدراسة في بعثه إلى استراليا مع العلم أني حاولت أن أكمل دراستي في بلدي لكن لم استطع وتخصصي هو الحاسوب.

الجواب: الحمد لله رب العالمين، أما بعد فإن حكم الدراسة بالابتعاث في الخارج في أي مكان من العالم تعتريه الأحكام بحسب نية صاحبه، فإذا كان صاحبه ينوي به رفع شأن هذه الأمة وخدمتها والقيام بفروض الكفايات فهو مجاهد في سبيل الله بدراسته وابتعاثه، ومأجور على كل ما يصيبه وكل ما يمكثه من الوقت خارج بلاده، وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم زيد ابن ثابت الأنصاري إلى اليهود ليتعلم لغتهم في ابتعاث، وهو أصل مشروعية الابتعاث لكن لا بد أن يعرف الإنسان أحكام الابتعاث ويستعد له فهو معرض لكثير من الفتن، ولا بد أن يعرف أحكام الرخص فيما يتعلق بالصلاة والصيام، ولا بد أن يعرف أيضا أحكام مخالطة الأجنبيات والنظر إليهن فهو معرض لفتن عظيمة ولذلك لا بد أن يحرص على هذا، بالإضافة إلى أنه لا بد له أن يحرص أيضا في مكان دراسته على أن يكون قربه مسجد أو مركز إسلامي يشهد فيه الجمعة والجماعات مع المسلمين، فأية مدينة لا يوجد فيها مسجد للمسلمين لا تحل الإقامة فيها إلا باضطرار، وقد أخرج أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا بريئ من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين حتى لا تتراءى ناراهما"، وذلك إذا كان منفردا ليس معه مسلم حتى إذا مات حضره وجهزه ودفنه أما إذا كان في بلد فيه مسلمون يستطيعون إقامة الشعائر، فقد ذكر الحافظ بن حجر في الفتح عن الماوردي أن البلد يكون دار إسلام بوجود المسلمين فيه.

السؤال: ما يسمى في الحسانية بـــ"اطليصه"؛ رجل يقرض النقود على الناس، تأتيه تريد مثلا مليون أوقية، يقول لك سأعطيك المليون بمليون وثلاثمائة وترضي أنت ذلك، ويذهب معك إلي السوق ويشتري لك بضاعة بنفس المليون الذي يوجد في جيبه ويُسلم لك البضاعة وتبيعها أنت بثمن أقل من ذلك لأحد آخر، وبعد عام تعطيه مليون وثلاثمائة نقدا.

هل يجوز أن آخذ النقد بهذه الطريقة ؟؟.

الجواب: لا، فهذا من الحيل على الربا وقد حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، لعن الله اليهود حرم الله عليهم الشحوم فجملوها فباعوها فأكلوا ثمنها، فلذلك لا بد أن يحذر الإنسان من الربا ومن كل ما يقرب منه وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء، وكذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين تحريم هذه الحيّل، وعندما جاءه رجل أتى بتمر من خيبر هو التمر الجنيب وهو أحسن أنواع التمر قال له كل تمر خيبر هكذا قال لا، إننا نبيع المد من الجنيب بمدين من الخلط أو الجمع، فقال لا تفعل إنه الرماء؛ أي الربا، بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا، وقد ورد عنه في مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم أنه قال: "لدرهم واحد من ربا يأكله الرجل أشد من ست وثلاثين زنية، وقد حرم الله تعالى الربا وبين ضرره في الآخرة، فقال تعالى: " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279) (البقرة).

فعلى الإنسان أن يتوب من هذه العملية وأن لا يقدم عليها فيما بعد وإذا كان قد أقدم عليها فليتب، وتوبة آكل الربا تختلف عن توبة موكله، فموكله لا يجب عليه في التوبة إلا الاستغفار والنية أن لا يعود والعزيمة على ذلك والندم على ما فرط فيه في جنب الله، أما آكل الربا فيجب عليه أن يعود بالتوبة والندم وأن يرد ما أخذ من الربا فيخرج منه، فإن عرف صاحبه رده إليه وإلا تصدق به، فيكون قد خرج منه ويكون حينئذ لا من باب الصدقة بل من باب التوبة.

السؤال: هل يجوز تقبيل العمة و الخالة من الخدين كما هي عادة الناس بالجزائر.

الجواب: أنها إذا كانت كبيرة السن وكان ذلك من عادة أهل البلد ولا يحرك الشهوة الإنسان وكان من باب الرحمة فإنه لا حرج فيه، ولا ينقض الوضوء، وإذا كان على خلاف ذلك فلا يحل للإنسان الإقدام عليه كمن يحس بتحريك شهوة بذلك، ومثل ذلك تقبيل اليدين والرأس فهو تعتريه هذه الأحكام وينظر إليه باختلاف الأحوال، والأجنبيات لا يحل الاقتراب منهن أصلا، ولا مسهن فكيف بإيصال ذلك إليهن، فبعض الناس يظن أن زوجة الخال هي مثل الخالة أو مثل العمة، وهذا ليس صحيحا فزوجة الخال أجنبية وزوجة العم أجنبية، ولا يحل للإنسان أن يعاملها كما يعامل خالته أو عمته.

السؤال: أنا طالب مسلم بإحدى البلدان الغربية وقد سمعت عند بعض الزملاء نقلا عن الشيخ أنه يفتي بجواز الجمع من غير سفر ولا مرض بالنسبة للطلاب المسلمين في الغرب خصوصا إذا خيف ضياع الوقت بالنسبة للصلوات المشتركة الوقت، وقرأت في بعض المواقع الاسلامية على الانترنت حرمة جمع صلاة الجمعة مع صلاة العصر، ولكي أوضح حالتي فنحن لدينا ساعة واحدة من المفترض أن تكون فرصة الغداء وبعدها نحن ملزمون بالعودة للدرس وأحيانا نستمر في الدرس لما بعد الغروب بنحو ساعة أو قريب من ذلك مع تغير التوقيت حسب الفصول، لذلك نضطر لاستغلال هذه الساعة للذهاب للمسجد لصلاة الجمعة وإذا لم نصل العصر جمعا فسيكون من شبه المستحيل أن نصليه قبل الغروب وفوات الوقت.

الجواب: أن الجمع بين الصلاتين من اجل الشغل جائز على الراجح وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاهما ثمانيا وسبعا بالمدينة من غير خوف ولا مطر، وذلك من حديث ابن عباس، وفي صحيح مسلم أنه قيل له ولمَ قال أراد ألا يحرج أمته، فإذا كان الحرج حاصلا كإضاعة وقت الصلاة فعلى الإنسان أن يجمع، وهذا في غير الجمعة فكل الصلوات كالظهر والعشائين ورد جمعهما لأمر أو لآخر، فيمكن أن يجمع الإنسان الظهرين في أول وقت الظهر أو في آخر وقت العصر، إذا كان مضطرا لذلك من أجل عمل ولكن لا يجوز أن يكون ذلك عادة له ولا يفعله من غير ضرورة، وكذلك لا بد إذا كان يستطيع أن يجمع الظهرين في آخر العصر أو العشائين في آخر وقت العشاء، والجمعان أفضلهما أرفقهما، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك عادة للإنسان يتخذها دائما، بل يفعل ذلك عند الضرورة والحاجة العامة التي تنزل منزلة الضرورة، وأما جمع الجمعة مع العصر ففيه خلاف فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الجمعة فرض يومها وليست ظهرا وهذه رواية مشهورة عند الحنابلة وهي مقتضية لاختلاف وقت الجمعة ووقت الظهر فيرون دخول وقت الجمعة قبل الزوال قليلا وعلى ذلك لا تجمع مع العصر لأنها غير مشتركة الوقت معها وليست مثل الظهر، والرواية الأخرى وهي مذهب الجمهور وهي أن الجمعة ظهر مقصور ووقتها وقت الظهر، فلذلك يستطيع الإنسان جمع العصر معها، وهذا الذي نفتي به لرفع الضرورة والحاجة التي تنزل منزلتها عندما يضطر الإنسان لذلك ويكون البديل ضياع وقت الصلاة، يقول تعالي: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا".

والجمع ثبت أصله لما ذكرنا من الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وله أسباب ست هي المنصوص عليها في الفقه :

السبب الأول: الوقوف بعرفة فإنه يجمع له الظهران جمع تقديم .

والسبب الثاني: النزول بمزدلفة فيجمع له العشاءان جمع تأخير.

والسبب الثالث: السفر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع الظهرين والعشائين في السفر، وقد اختلف في ذلك هل يشترط فيه ذلك هل يشترط له جد السير أو لا يشترط له، أو يشترط له أن يكون الإنسان في حال السفر، وقد أخرج مالك في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في تبوك فيخرج فيصلي الظهرين ثم يدخل فلا يخرج حتى يخرج إلى صلاة المغرب فيصلي العشائين، وهذا دليل على جواز الجمع من غير جد السير ومن غير أن يكون الإنسان في سفر جاد أو قاصد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان مسافرا في تبوك ولكنه جلس فيها تسعة وعشرين يوما يقصر الصلاة، وذلك أنه كل يوم يتوقع مباغتة العدو وغزو الروم فكان كل يوم يتأهب للقتال ولذلك لم يتم الصلاة مع أن من نوى صلاة أربعة أيام في مكان لا يخرج منه فقد انحل سفره لما أخرج مالك في الموطأ عن سعيد ابن المسيب "إذا نويت إقامة أربعة أيام صحاح فقد انحل سفرك"، ولما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثا"، والمقصود أن المهاجرين لا تحل لهم الإقامة بمكة، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لهم بالمقام بمكة ثلاثة أيام بلياليهن، وذلك يدل على أن إقامة ثلاثة أيام لا تقطع حكم السفر وليست بإقامة، وأن ما زاد عليها قاطع لحكم السفر وهذا هو مذهب أهل التحقيق في هذه المسألة وفيها أقوال أخرى وتضارب بين الأدلة لكن تلك الأدلة جميعا إذا نظر إليها فلها محامل تحمل عليها، كمقام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة سبعة عشر يوما عند فتحها ففي كل يوم يهدم صنما ويتهيأ لحرب هوازن ولغزو الطائف ولم يرد الإقامة ولا تحل الإقامة بمكة، وكذلك مقام عبد الله بن عمر بأذربيجان يقصر الصلاة ستة أشهر فإنه كان كل يوم ينتظر انقطاع الثلج والثلج ينقطع فجأة ليس له ضابط ولا نظام فكان ينتظر انقطاعه للخروج ولذلك بقي على القصر، فمن كان في سفر وأتى مكانا له فيه عمل ولا يدري متى ينتهي عمله فإنه يبقى على قصره ولو مكث فيه سنة ينتظر ذلك العمل إذا لم يكن يتوقع ذلك وكان كل يوم يتوقع الخروج فإنه يعتبر مسافرا ضاربا في الأرض حتى يخرج ومن خشي فوات الوقت فعليه أن يأخذ بالرخص وبـهذه المذاهب التي ذكرنا والأدلة التي سقناها وهو بذلك ناج إنشاء الله، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك عادة له فالله تعالى حدد أوقات الصلاة فقال: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا"، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التحضيض على أداء الصلاة في وقتها  في قوله صلى الله عليه وسلم أن "الذي تفوته صلاة العصر كأنما بتر أهله وماله، وكقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى البردين دخل الجنة".

سؤال: تربطنا عقود تأمين مفروضة علينا لتأمين السكن والصحة وغيرها وندفع مقابلها مبالغ هامة من غير مقابل طيلة مدة طويلة ما لم نتعرض لما يلزم تلك الشركات المؤمنة التعويض لنا عنه، كتسرب مياه في المنزل أو حريق أو مرض ونحو ذلك، السؤال هو عن جواز الادعاء أو المبالغة في الخسائر بغية الحصول على تعويض أكبر في حالة من هذه الحالات وهل يعد ذلك غشا محرما مع العلم أن ما ندفعه يكون أكثر مما نحصل عليه في التعويض المفترض.

وما حكم المال المجني في مثل هذه الحالات إذا كان فعلا مالا حراما وماذا يلزم المسلم أن يفعل به وهل يجوز رده لتلك الشركات، نريد رأيكم في ذلك جزاكم الله خيرا.

الجواب: أن على الإنسان أن يحتال لأخذ ماله، فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للحجاج بن علاق السلمي رضي الله عنه أن يكذب على قريش حتى يأخذ منهم ماله في وقت غزوة خيبر، فيجوز للإنسان إذا كان يعرف أن التعويض مساو لما أخذ منه من المال أو أقل منه أن يحتال على ذلك ولو بالكذب ولا يسمى ذلك غشا، أما إذا أخذ أكثر مما دفع من المال فإنه لا يرده إلى الشركة لأنها مستغرَقة الذمة ومالها حرام ولكنه لا يتملكه هو بل يصرفه في وجوه البر كأن يدفعه للجمعيات الإسلامية العاملة للدعوة وللعمل الخيري ونحو ذلك، ومن هذا المبالغة في تحديد الأضرار التي لحقت به فيمكن أن يبالغ حتى يصل إلى حد ما أخذ منه حتى يسترد ما أخذ منه من المال، وما زاد على ذلك لا يحل له تملكه ولا رده للشركة إن كان قد أخذه بل يصرفه في وجوه البر كما قد ذكرنا.

سؤال: حضرة الشيخ أريد فتوى عاجلة فانا طالب موريتاني جديد في ألمانيا أريد القول الفصل المدعم بالأدلة في المصافحة لأني أجد حرجا شديدا خاصة مع الأساتذة والأطباء والزملاء من الطلاب .

الجواب أن الأصل منع مصافحة الأجنبية مطلقا لأن الله سبحانه وتعالى حرم أشد مخالطة بين الأجانب وأضعف مخالطة بينهما فدل ذلك على تحريم ما بينهما فقال تعالى: " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)، فأضعف مخالطة بين الرجال الأجانب والنساء الأجنبيات خُلطة البصر والنظر فقد حرمها الله تعالى بقوله: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" الآية، وأقوى مخالطة بين الرجال الأجانب والنساء الأجنبيات مخالطة الفروج وقد حرمها الله تعالى بقوله: " ويحفظوا فروجهم"، فدل ذلك على تحريم ما بينهما بدلالة مفهوم الموافقة، ومفهوم الموافقة حجة اتفاقا حتى عند منكري القياس فلذلك لا يحل للإنسان أن يصافح امرأة لا تحل له وقد ورد في  ذلك عدد من الأحاديث لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إني لا  أصافح النساء وإنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة"، وكذلك حديث عائشة: "ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة لا تحل له" فعلى الإنسان أن يتورع وأن يتعفف عن ذلك ويبتعد منه وذا اضطر لشيء منه لأمر ما كما إذا كانت أستاذته متعصبة إذا لم يصافحها رسّبته أو ضرت به في الامتحانات فيقتصر على محل الضرورة من ذلك ولا يتجاوزه، أما الزملاء والزميلات ونحو ذلك فلا يصافحن ولكن يشرح الموقف ويجعله في نطاق العادة وأنه من أهل بلد عادتهم أن يحترموا النساء ولا يصافحوهن وأن هذا الأمر مرجعه إلى العادة كاللباس ونحوه، والذي لا ينبهر بأية حضارة يحافظ على عاداته وما تمليه عليه حضارته وبيئته، أما المنبهرون فإنهم يتبعون من بهروا به ويتبعون الحضارة الغالبة فيتخلصون من عاداتهم وقيمهم وحضاراتهم وتقاليدهم وربما تخلصوا من بعض دينهم اقتداءً واقتفاءً بأولئك الذين أعجبتهم حضارتهم.

السؤال: أنا طالب جامعي و لدي دكتورات متبرجات فهل يجوز لي النظر إلى وجوههن و حركة أيديهن و يكون شعرهن مكشوفاً وكذلك أيديهن أحياناً أثناء الشرح من ناحية التعليم ؟ حيث يحل في التعليم ما لا يحل في غيره.

الجواب أن على الإنسان إذا أحس بشهوة في مثل هذا أن يغض بصره وقد قال تعالى: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم"، وإذا لم يحس بشهوة في ذلك ولم يكن فيه مخالطة ولا تأثير واقتصر على قدر حاجته في الدراسة، فيكون هذا مثل النظر إلى الإماء وكن يكشفن عن رؤوسهن وأطرافهن في العهد النبوي ولم يكن النظر محرما في حقهن إلا من يكون يحرك ذلك لديه شهوة أو يخاف منه فتنة، وأما من لا يحرك لديه شهوة ولا يخاف منه فتنة فالأمر فيه سعة بالنسبة إليه. نسأل الله أن يغنيك بحلاله عن حرامه.

السؤال: إمام تيقن انه أتي بأربع ركعات فسبح له المأموم الوحيد معه و المسبوق علي أنه نقص ركعة لكن الإمام تمادي في الجلوس وسلم، وبعد قضاء المأموم لما فاته قال للإمام إنه نقص ركعة فرد عليه الإمام إنه نقص ركعة ثانية فأحرم المسبوق جالسا وقضاها وسجد قبليا.

فما حكم الإمام والمأموم؟ وهل تقضي الصلاة احتياطا؟  وهل إذا تزلزل يقين الإمام بعد أن صلى يمكن أن يحكم بقول المأموم ويقضي الركعة التي شك فيها.

الجواب أن الصلاة مبنية على ما استيقنه الإنسان، فإذا كان الإنسان موقنا التمام فلا يرجع إلى قول أحد ليقينه، إلا إذا كثر من خلفه جدا فإنه يرجع إلى قولهم أما إخبار شخص واحد كمأموم واحد فإنه لا يرجع له عن يقينه وما يعتريه بعد ذلك من الأوهام فهو من باب الوسواس ولا يحل اتباعه وهو من خطوات الشيطان فقد قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ" (21)(النور)، وعلى الإنسان أن يحذر من الوقوع في ذلك أما المأموم فإنه كان يظن أن الصلاة نقصت منها ركعة وهذا أيضا يمكن أن يكون يقينا لديه وهو معذور في ذلك لكن صلاته صحيحة فإنه يقضي ركعة وإذا بقي على يقينه أن الصلاة أيضا قد نقصت مها ركعة فإنه يقضي ركعتين ويسجد لقطع الشك.

السؤال 2-  من حصل له وسواس أثناء الصلاة بنزول قطرة من البول وقد حصلت له نفس الوسوسة مرات قبل ذلك، فأتم صلاته دون أن يكترث بذلك فما حكمه؟؟.

الجواب أن رجلا أتى عمر بن الخطاب فذكر أنه كلما بال أحس أن قطرة تنزل أو أن بللا ما في إزاره فقال إذا توضأت فانضح على إزارك من الماء فإذا أحسست شيئا فقل هو الماء، فيقطع الإنسان الوسوسة ولا يتبع حيل الشيطان وقد ثبت عن النبي صلى اله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في الصحيحين أنه قال: "إن الشيطان ليفسو بين إليتيْ أحدكم في صلاته فمن وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.

السؤال3: ما حكم من عنده نقود مودعة في حساب ادخار إسلامي  بالبنك الموريتاني للتجارة الدولية BMCI وأحيانا يخلط معها ودائع أخري ويقول له أصحاب المصرف أن النقود تشتري بها بضائع ويحسب لصالح مالك النقود الربح في نهاية كل سنة ويعتبرونه مشتركا في الربح والخسارة علي حد قولهم.

فما هو النصاب من الأوقية في هذه ه النقود مع العلم انه قد يحصل سحب قبل اكتمال السنة وهل لصاحب الوديعة نصيب من الربح اذا كان لايشترط ذلك، وهل هذا الادخار إسلامي.

الجواب بالنسبة للادخار شرطه الأول أن يكون إسلاميا موثوقا به وبلجنة رقابته الشرعية ولا يتعامل بالربا بوجه من الوجوه – إذا كان كذلك - فلا حرج في مثل هذا التعامل لأن الشخص فيه شريك في محفظة استثمار، وهذه المحفظة ينبغي أن تكون غير مختلطة بالربا، وكذلك أن يكون لا يضمن رأس المال ولا الربح بل يكون شريكا في الخسارة والربح، فالمصرف ينظر إلى أربح الصفقات لهذه المحفظة ويضارب فيها وهو شريك مضاربة فالمودع بمثابة رب المال ومدير البنك بمثابة المضارب وبينهما شركة قراض والربح والخسر على قدر ما يتفقان عليه وكذلك فإن البنك لا يضمن له رأس المال ولا الربح، أما ما يتعلق بنصاب الزكاة من الأوقية في هذا الوقت فهو قيمة أربعة وثمانين جراما من الذهب (84 غرام) في أي نوع من أنواعه والذهب الآن مرتفع وقيمة 84 غرام الآن تقرب من 300 ألف أوقية، هذا هو النصاب، وإذا كان هذا النصاب باقيا طيلة السنة فيمكن أن يزكيّ إليه بقية المبالغ التي أضيفت إليه ويكفي ذلك حتى لا يكثر عليه إخراج الزكاة ويتعدد عليه الحول.

السؤال: أنا طالب موريتاني أدرس في الجزائر يسكن بالقرب مني جار

مسيحي دعوته عدة مرات إلى وجبة الفطور في رمضان الماضي لكنني واجهت منه بعض الأسئلة وهي:

- هل يجوز الشرب من الكأس التي كان يشرب منها في حالة صنع الشاي مثلا.

- هل يجوز رد السلام عليه في حالة قوله السلام عليكم.

- وجدت في غرفته القرآن وأخبرني أن أحد الجزائريين قد أهداه له - هل يجوز لمن أهداه له فعل ذلك.

- هل يجوز تهنئته برأس السنة الميلادية مع أنه دائما يهنئني في الأعياد الإسلامية.

الجواب أن هذا الجار لابد أن يكون الإنسان طامعا في هدايته وساعيا في إنقاذه من النار وغلا فلا خير له في مخالطته وإذا لم يكن مدمنا على شرب الخمر يجوز الشرب في إناء شرب فيه وذلك في كأس الشاي وغيره، وإذا ابتدأ بالسلام فإنه يرد عليه بالسلام ولا يجوز إهداء القرآن كاملا له إلا مع ترجمة أو تفسير أو نحو ذلك أما تهنئته بالسنة الميلادية إذا كان يعتبر ذلك عيدا دينيا فلا تجوز وإذا كان لا يعتبره عيدا دينيا بل يعتبره عيدا  وطنيا أو عالميا فيمكن أن يهنأ بها.

السؤال: قبل الأذان لصلاة الجمعة بنصف ساعة تقريباً يأتي القارئ ويجلس أمام المصلين ويقرأ ما شاء الله له أن يقرأ، وفي الغالب ليست القراءة من سورة الكهف، وأغلب المصلين في المسجد في لهو وضيق خاصة إذا كان القارئ صوته غير حسن، ناهيك عن الكلام والهمس أثناء القراءة، وإذا كان القارئ من ذوي الأصوات الحسنة فإنه يشغل المصلين، وغالبا ما يصاحب القراءة كلام وهياج، ويكون هذا إما تأثراً بالقراءة بدافع الصوت أو محبة للقارئ أو تشجيعا له، وفي الجميع إشغال للمصلين، وكذا من يجلس صامتاً مناجياً ربه؟؟، أفيدونا جزاكم الله خيرا و هل ثبت ذلك عن الرسول صلى الله عليه و سلم ؟.

الجواب أن ما يفعله هذا القارئ قد نص أهل العلم على أنه بدعة وانه يقام من المسجد لئلا يشغل الناس عن قراءة القرآن وذكر الله جل جلاله إلا إذا كان معلما للناس ويتحلق حوله بعض المتعلمين فيتعلمون من قرائته سواء قرئوا معه أو أنصتوا إليه فيكون حينئذ من باب التعليم  لا من باب إسماع الناس قرائته سواء كان حسن الصوت أو خشنه فإنه لا يجوز تركه يقرأ بهذه الصورة بانتظام كل يوم جمعة لما في ذلك من الابتداع ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم الإذن بها وقد ورد عن أصحابه إنكار مثله، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم إنكار التحليق يوم الجمعة في حديثين لكن محل ذلك إذا لم يكن لطلب العلم وانتهاز فرصة اجتماع الناس لأنهم لا يجتمعون عادة إلا في يوم الجمعة.

السؤال: ما حكم تعدد الأذان قبل صلاة الجمعة في المسجد؟

الجواب أن الأذان يرجع تعدده إلى المصلحة فإن النبي صلى الله عليه وسلم عدده لصلاة الفجر لمصلحة راجحة حتى يستيقظ النائم ويتوضأ ويغتسل المجنب، فكان بلال يؤذن بليل وكان ابن أم مكتوم يؤذن بعد أن يطلع الفجر لأنه رجل أعمى لا يبصر حتى يقول له الناس أصبحت أصبحت، ثم بعد ذلك أجمع أصحابه صلى الله عليه وسلم في أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه على إحداث أذان أول للجمعة عندما انشغل الناس عنها بتجاراتهم ونحو ذلك فأحدثوا هذا الأذان الأول من ناحية الأداء والآخر من ناحية التشريع، هذا إذن محل إجماع، وما زاد على ذلك إذا كان مصلحة راجحة وروعيت فيه هذه المصلحة فيمكن قبوله قياسا على إحداث الصحابة لهذا الأذان، وعلى ما اعتمده رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعدد للأذان بالنسبة للفجر.

السؤال: ما حكم رفع اليدين عند خطبة الجمعة وخارجها؟

الجواب أن رفع اليدين سبب من أسباب استجابة الدعاء وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر "الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب"، وكذلك اخرج النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي داوود "إن الله تعالى حيِيٌّ كريم يستحي إذا مد العبد إليه يديه أن يردهما صفرا، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم مد اليدين في الدعاء في مواطن كثيرة، ولم يرد عنه رفع اليدين في الدعاء على المنبر إلا في الاستسقاء، فإنه كان إذا استسقى أي سأل الله نزول المطر يرفع يديه ويجعل ظهورهما إلى السماء، وهذه الصيغة المروية عنه صلى الله عليه وسلم سنة في خطبة الجمعة وغيرها كخطبة الاستسقاء، وأما رفع الإمام يديه بالدعاء على المنبر يوم الجمعة في غير الاستسقاء فإنه بدعة، وقد ثبت في صحيح مسلم وفي السنن أن عمارة بن نويبة الأسلمي رضي الله عنه عندما قام بشر بن مروان برفع يديه على المنبر قام إليه في أثناء الخطبة ليغير المنكر، فقال قبح الله هاتين الأديتين القصيرتين، فقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر مازاد على هذا ورفع إصبعه، وهذا بالنسبة للإمام، أما بالنسبة للمأمومين فيبقى رفع اليدين على الأصل في وقت الدعاء، وقد كرهه بعض أهل العلم فقالوا إذاكان مكروها للإمام فالماموم يقتدي به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إنما جعل الإمام ليؤتم به".

السؤال: ما حكم تمدرس البنات خارج الوطن بدون محرم؟

الجواب أن تمدرس البنات في المدارس النظامية خارج البلد تعتريه أحكام الشرع، فإذا كانت البنت لا تخشى على نفسها ولا على دينها وخلقها وكانت البنت في مكان منفصل في وقت السكن عن الرجال؛ أي كان للبنات سكن مختص بهن، فيجوز لها.. وإذا كانت تلك المسافة تقتضي يوما وليلة في الطريق أي كان فيها " اترانزيت مثلا" بحيث يفرض السفر عليها أربعا وعشرين ساعة من السير في الطريق، فإنه لا يحل لها ذلك السفر إلا بمحرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر يوما وليلة إلا مع ذي محرم " فإذا كانت مدة السفر أقل من ذلك فلا حرج في ذلك إذا كانت آمنة على نفسها ودينها ولم تخف الفتنة ولم تخف اعتداء أحد عليها أما دراستها فلا بد أيضا فيها من الانضباط بالضوابط الشرعية لا بد لها أن لا تخالط الأجانب ولا تصافحهم ولا تكشف عن شيء من مما أوجب الله عليها ستره، وهذه الأمور متعذرة في بعض البلدان ولذلك لا يحل لها قصدها للدراسة خاصة إذا كان ذلك البلد يفرض عليها كشف رأسها أو مخالطة الأجانب.

السؤال: إنني وخلال شهر رمضان السابق مررت بفترة ضعف إيمان وكان نتيجتها ممارستي للعادة السرية خلال نهار رمضان علما أنني غير متزوج وفعلت ذلك لثلاثة أيام غير متتالية ... علما أنني بعد فعل ذلك أندم وأتوب ... فجزاك الله خيرا يا شيخ قل لي ماذا أفعل وما هي كفارة ما عملت ؟، فهل علي قضاء وكفارة فقط أم علي غير ذلك؟؟.

الجواب أن عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن يستغفره من هذا الجرم العظيم حيث انتهك حرمة شهر رمضان بما حرم الله عليه، ويجب عليه قضاء تلك الأيام الثلاثة بعددها من أيام أخر كما تجب عليه الكفارة، والكفارة هي إطعام ستين مسكينا، كل مسكين يعطى مدا، ويندب بغير المدينة عند طائفة من أهل العلم والزيادة على ذلك، أي الزيادة على المد، لكن الواجب هو المد، وهو ملأ اليدين المتوسطتين غير مقبوضتين ولا مبسوطتين سواء من طعام أو من قمح أو من أرز، أو غيرهما يقدمه لفقير  فإذا كان في أسرة مثلا عشرة فقراء يدفع لهم عشرة أمداد، وفي أسرة أخرى خمسة أفراد فيدفع لهم خمسة أمداد وهكذا حتى يكون له ستون فقيرا وستون مدا، وذهب الحنفية إلى أن المعتبر عدد الأمداد لا عدد الفقراء، فيمكن أن يدفع ستين مدا لفقير واحد، والكفارة تتعدد بتعدد الأيام عند الجمهور، خلافا للحنفية فيرون أن الأيام الثلاثة تكفيها كفارة واحدة لفقير واحد.

الشق الثاني من السؤال: في بعض الأحيان يوسوس لي الشيطان وأقوم بممارسة العادة السرية ولكن بشكل قليل جدا قد تكون مرة كل أسبوعين وأنا أعلم أن هذا خطأ ولكني استدرك وأتوب واستغفر الله .. ولكن الشعور بالذنب يلازمني وأشعر أن الله سيرفع توفيقه عني، فرجاء يا شيخنا أن تدلني إلى الطريق الصحيح في هذا الأمر وما حكم ما أفعله وإن كنت في بعض الأحيان مضطرا لما يحيط بي من فتن ؟.

الجواب: عليك أن تتذكر يا أخي قول الله تعالى: " وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (7).(المؤمنون).

فهذا مما وراء ذلك فمما يعينك على التوبة والاستمرار عليها أن تقرأ كتاب الجواب الكافي لابن قيم رحمة الله عليه.

السؤال: قبل عدة أشهر نذرت نذرا ولكني إلى الآن لم أقم بإيفاء النذر بسبب ضيق ذات اليد، ولكني نويت الآن أن أفيّ بالنذر، فهل عليّ إثم بسبب تأخيره؟؟.

الجواب: لا، ما دام الإنسان لا يجد ما يفي به لا يجب عليه الوفاء بالنذر فإذا ملك ما يفي به لزمه أن يفيّ بنذره والله تعالى يقول: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)( الحج). ويقول: " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (7)( الإنسان)، نسال الله أن يرزقنا وإياه غنى بحلاله عن حرامه، وأن يرزقه زوجة صالحة تزيده إيمانا وأن يعينه على حفظ ودائعه وعلى مصاعب الحياة الدنيا.

السؤال: أود أن أسال الشيخ هل هناك خلاف بين العلماء حول السلام (باليد) علي الكافرات؟، وما هو رأيكم أنتم خصوصا بالنسبة لمن يعيش في الغرب و تفرض عليه الظروف ذلك في دراسته أو في عمله.

الجواب: قد سبق الجواب عن مثل هذا السؤال وذكرت فيه أن المصافحة .. الأجنبيات وأن النبي صلى الله عليه وسلم ما مست يده يد امرأة وان الله سبحانه وتعالى حرم في آية واحدة أقوى خلطة بين الرجال والأجنبيات وأضعف خلطة، فأقوى خلطة خلطة الفروج وأضعف خلطة خلطة النظر، فدل ذلك على حرمة ما بينهما فقال: " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30).(النور).

والإنسان لا يحدد ضرورته، فيمكن أن يتوقع أمرا ما ضروريا بالنسبة إليه ويكون عكس ذلك، والضرورة تبيح المحظور لكن لا بد أن تتحقق هذه الضرورة، وتحققها معناه أن يتضرر الإنسان إذا لم يفعل ذلك تضررا بالغا.

السؤال: من تركت الصلاة وقتا ما لأنها بلغت في سن مبكرة، ثم أرادت أن تقضي فماذا عليها؟؟.

الجواب أن ما كانت تصليه من غير وضوء أو نحو ذلك لا يلزمها قضاؤه ومثل ذلك كل ما كانت تصليه لا تتركه لكنها لا تتقنه، مما ثبت في حديث المسيئ صلاته من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقضاء شيء مما مضى مع أنه قال له ارجع صل فإنك لم تصل، فقال والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا، فبين أنه لم يكن يصلي غير ذلك النوع من الصلاة الذي هو غير مقبولا، ولا منتفع به لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه غير صلاة أصلا.

أما ما تركته فإن مذهب الجمهور أنه يلزمها قضاؤه ومذهب الحنابلة أن ترك الصلاة عمدا كفر مخرج من الملة، لكن مذهب الجمهور أنه لا يخرج من الملة فلذلك ما سمعته من الشيخين من السعودية هو بناءا على مذهب الحنابلة من أن ترك الصلاة عمدا مخرج من الإيمان، وأنه لا يلزم معه القضاء، وما سمعته من غيرهما فهو مذهب جمهور أهل العلم، وكلا المذهبين له بعض الأدلة، فلذلك الاحتياط أن تقضي ما تركته فقط من الصلوات، وتستمر على النوافل لأن القول بأنه لا يتنفل من عليه قضاء ليس عليه دليل بل إن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل ليلة نام عن ركعتيْ الفجر وصلاة الصبح حتى طلعت الشمس فتنفل؛ أي صلى ركعتي الفجر ثم صلى الفجر بعد ذلك، وهذا دليل على أنه يتنفل من عليه القضاء.

السؤال: أسأل عن انتقادات وجهت إلى الصحيحين قديما وحديثا سواء في الأسانيد أو في المتون وقد ذكر الحافظ بن حجر رحمه الله أن الإجابة عن بعضها فيها تكلف، ما فهمته، فهلا فصلتم في مقصود كلام ابن حجر ذلك وما هي تلك الانتقادات التي تكون الإجابة عنها متكلفة وهل يُسلم ذلك، وما الكتب الحديثة التي تكلمت عن هذه الانتقادات؟؟

الجواب أن كل كتاب غير كتاب الله يؤخذ منه ويرد والصحيحان هما من تأليف البشر وقد اجتهد الإمامان الحافظان أبو محمد بن إسماعيل البخاري والحافظ كذلك أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري لتخليصهما من كل ما فيه مطعن من الحديث، وهو جهد بشري، فعن البويطي قال لما ألف الشافعي كتابه ناولنيه فقال خذ هذا الكتاب على خطأ كثير فيه فقلت يا أبا عبد الله أصلحه لنا، قال كيف؟ وقد قال الله تعالى: " وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82)(النساء). قضى الله العصمة إلا لكتابه، وما في الصحيحين من هذا النوع  يسير جدا ولذلك هماأصح كتاب بعد كتاب الله وقد حصل اتفاق أهل العلم على نسبة كل ما فيهما إلى الصحة وقد قال العراقي في ألفيته:

واقطع وأجزم بصحة لما قد أسندا *** ...

أما ما فيهما من المعلقات ونحو ذلك فلا يدخل في هذا الجزم بالصحة، ومع ذلك فقد انتقد عليهما بعض ما صححاه وهذا ليس منافيا لقول العراقي:

واجزم بصحة لما قد أسندا *** .../. لأنه قال في موضع آخر:

وبالصحيح والضعيف قصدوا*** في ظاهر لا القطع والمعتمدُ/. فبين أنه لا يقصد بالتصحيح والتضعيف القطع وإنما يقصد بذلك غلبة الظن، وقد تتبع بعض ما فيهما الحافظ الدار قطني فألف كتابين أحدهما يسمى: الإلزامات، وألزمهما بأحاديث على شرطهما لم يخرجاها وهي موافقة لما قد أخرجا، والكتاب الثاني: التتبع، فتتبع ما فيهما مما يراه ضعيفا ليس على شرطهما، وهي أحاديث قليلة جدا، وفي الجواب عن بعضها بعض التكلف لكن بعضها أيضا يسهل الجواب عنه، وليس فيهما شيء من الموضوع ولا من الساقط الذي لا ينجبر بعضه، وقد زعم ابن الجوزي في الموضوعات أن حديثا أخرجه مسلم في الصحيح من الموضوعات، ولكن هذا لا يسلم، وفيهما بعض الشاذ الذي يترك العمل به باتفاق أهل الحديث كما في لفظة " فليرقه" في حديث ولوغ الكلب في الإناء وهي عند مسلم في الصحيح، وقد ذكر بن عمر بن عبد البر أن أهل العلم أجمعوا على أن هذا ... شاذا وكذلك بعض الألفاظ التي جاء فيها الشذوذ في الصحيحين فهي على قلتها يتكلف بعض أهل العلم الجواب عنها والمقصود منهما في ذلك أننا قد تجاوزنا القنطرة في الجملة لا بالجملة، ما فيهما بالجملة صحيح إذا كان مسندا وذكر سنده، وهذا النقد الموجه إليهما بعضه يرجع إلى بعض المتون مثل: شذوذ لفظة " بشماله"، بالنسبة للشمال، والله سبحانه وتعالى قد ثبت في بعض الأحاديث كلتا يديه  وكذلك ما ذكرنا مثل قوله: " فليرقه" ونحوهذا من الأحاديث، كذلك في الإسناد ففيهما بعض الرجال المنتقدين  البخاري أحديث عكرمة بن عباس وقد انتقده عدد كبير من أهل العلم ومع ذلك فالبخاري ينتقي من أحاديثه ويختار، وكذلك في صحيح البخاري من رجاله عمران بن حطان وهو من قادة الخوارج وشعرائهم، وفي صحيح البخاري كذلك حديث عبيد الله بن موسى وهو من الشيعة وقد رُميّ بالقدر لأنه يقل بالقدر، ومع ذلك فهؤلاء ثقات كلهم مشهود لهم بالصدق والأمانة والبخاري ينتقي من أحاديثهم وكذلك في صحيح مسلم بعض الشيء في بعض الأسانيد، فمثلا في صحيح مسلم من رجاله سهيل بن الصالح السمان وقد ضعفه بعضهم وطعن فيه ولم يخرج له البخاري ومثل ذلك محمد بن إسحاق فقد ضعفه مالك كذلك رواية ابن الزبير المكي عن جابر بن عبد الله فقد ذكر كثير من أهل العلم انقطاعها وعدم اتصالها، وفي تتبعات هذه الأمور من الأحسن الرجوع إلى كلام الحافظ بن حجر في الفتح وفي تغليق التعليق وفي ما ذكره كفاية ومقنع.

سؤال: ما هو رأيكم في العلاقات الدولية في الإسلام، أريد بحثا شافيا عن الموضوع ومن يطلعني أو يعطيني عناوين بعض الكتب في هذا الموضوع لأني أود أن أستفسر حول هذه الإشكالية لأن البعض يقول لا علاقة بين الإسلام وهذا الموضوع؟؟.

الجواب أن في الإسلام علاقات دولية وأن الإسلام جاء لربط علاقات كثيرة منها العهود التي جاء الحديث عنها في سورة براءة في قول الله تعالى" بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (1)(التوبة)

وكذلك بين الله سبحانه وتعالى وجوب الوفاء بالعهد وعدم النهي عن الإحسان إلى الكافرين المعاهدين الذين لم يؤذوا المؤمنين ولم يعينوا عليهم فقال تعالى في سورة الممتحنة، لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9)، وفي سورة الأنفال أيضا بعض الآيات المتعلقة بــالعلاقات الدولية كقول الله تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)، وغير ذلك من الآيات المتعلقة بعقد الصلح والهدنة والجزية كآيات التوبة التي سبقت الإشارة إليها  سورة كاملة في العلاقات الدولية أو على الأقل أولها بكامله جاء في العلاقات الدولية ومثل ذلك بعض الآيات في سورة البقرة كقول الله تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، وغير هذا من الآيات التي تنظم العلاقات الدولية وإن الرجوع إلى كتب أهل العلم وكتاب ابن القيم رحمه الله "أحكام أهل الذمة" فيه كثير من التفصيل في هذا الباب ومثل ذلك تفسير القرطبي عند الآيات التي ذكرنا، وغيرهما من الكتب المهتمة بهذا الجانب.

سؤال: أنا شاب في الثامنة عشر من عمري وقد ضيعت من عمري الكثير وقبل سنتين تقريبا انتبهت على تضييعي الذي ذكرت فقلت لا بد من استدراك ما فات، بدأت أحفظ القرآن ويسر الله لي شيخا عالما عاملا يلقنني القرآن والشاطبية في القراءات وعلمت أن العمر قصير فاتجهت إلى    في المتون في النحو والصرف والفقه وأصوله وغيرها ولكنني لا أعرف من أين أبدأ، وما هو الأساس الذي ينبغي لي أن أبدأ به فهلا أرشدتموني في المتون التي جمعتها ومن مقررات مركز تكوين العلماء الذي أنتم تشرفون عليه ؟

الجواب أن هذا الأخ عليه أن يستشير من يدرسه، وأن يبدأ بفرائض عينه قبل التعمق في القراءات، مثلا لابد أن يدرس ما يصحح به عقيدته وصلاته وصيامه وأحكامه، فلابد أن يدرس من الفقه أولا ما يصحح به عبادته ومعاملته ثم بعد ذلك يتمم بهذه العلوم وهي مفيدة نافعة لكن لا يمكن أن يبدأ بها الإنسان قبل أن يدرس ما يجب عليه من فرائضه العينية، ولا يمكن أن ترتب له هذه الكتب إلا أساس اختيارات شيخ منتقي له ويختار، ولابد أن يختار شيخا ناصحا من أهل التقوى والصدق والتجربة.

ولا شك أن توبته بشارة خير وأن الانتباه لمثل ما انتبه له من التضييع واجب علينا جميعا، وقد قال الله تعالى: " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، وقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً".

نسال الله أن يجعلنا وإياكم من التوابين والمتطهرين، وصلى الله على نبيه الكريم محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

آخر تحديث للموقع:  الجمعة, 12 أبريل 2024 20:59 

النتائج النهائية لمسابقات دخول المركز

اشترك في القناة

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

جديد الموقع

إحصائيات

المتصفحون الآن: 33 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow