فتاوي متنوعة

الكلام على افتراق هذه الأمة

هل الفرق التي ذكر النبي (ص)في الحديث تخلد في النار وهل هناك وسيلة يمكن لأهل السنة أن يتحدوا معهم؟

أن قول النبي (ص) افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة، هذا القدر من الحديث صحيح أخرجه الحاكم وغيره، وهو يصح برواياته المختلفة، أما الزيادة وهي كلها في النار إلا واحدة، أو كلها في الجنة إلا واحدة أو من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي فكل هذه الزيادات لا تصح، إذن الحديث الصحيح هو فقط إثبات الفرقة وهو علم من أعلام النبوة ودليل من دلائلها، لكن كونها في النار أو في الجنة أو أنه ما كان عليه هو وأصحابه هذا لا يصح منه شيء عن رسول الله (ص)، وأما الفرق في هذه الأمة فما كان منها ابتداعا وضلالا في الدين ولم يكن صاحبه كافرا به فإن من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله  لا يخلد في النار ولو كان ضالا ولو كان مبتدعا مهما بلغت معصيته، لكن الله سبحانه وتعالى إما أن يتجاوز عنه وإما أن يعذبه بقدر معصيته ثم يخرجه من النار، وإن الله تعالى يخرج من النار أقواما يوم القيامة قد اسودوا وامتحشوا فيلقون في نهر الحياة فتنبت أجسامهم كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يدخلون الجنة، وأيضا قد يعذبون في قبورهم وعذاب القبر هو من مكفرات الذنوب تخفف به الذنوب، فإذا بعثوا يوم القيامة يكونون قد نالوا جزاء ابتداعهم وخطئهم، وأما الذين ابتدعوا بدعا مكفرة فهم قلائل ولله الحمد والأمة قد نبذتهم وقد حوكموا وحكم عليهم وقوتلوا وقتلوا وأولئك لا يزال لهم أتباع في كل عصر من العصور وفي كل زمان، لكن أغلبهم ولله الحمد لا ينتسب للسنة....

-----------------------------------

الكلام على الاستثناءات الواردة في الصعق وغيره

قول الله تعالى: {ويوم ينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} من هم الذين استثناهم الله؟

بالنسبة للاستثناءات في أمور القيامة ومشاهدها إنما هي للتبرك، كقول الله تعالى: {وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} إلا ما شاء ربك، المقصود بالاستثناء هنا التبريك فقط التبرك باسم الله سبحانه وتعالى، ولا يقصد به أن قوما يدخلون الجنة فيخرجون منها فمن دخلها لن يخرج منها ولا عناء عليه بعد ذلك، وقد ذكر بعض المفسرين أن الاستثناء في هذه الآية يقصد به إسرافيل الذي ينفخ في الصور وموسى عليه السلام الذي قدمت له صعقته في الدنيا، وقد أخبر النبي (ص) أنه عندما قام بعد النفخة عندما مثلت له رأى موسى باطشا بساق العرش فلم أدر هل هي صعقته التي عجلت له في الدنيا، أو قام قبلي، لم يدر النبي (ص) هل موسى صعق مع الناس كما صعقوا، أو أنه قد عجلت له الصعقة في الدنيا {قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا}، فتلك الصعقة هل هي التي عجلت له فلم يصعق يوم القيامة، أو أنه صعق فقام قبل غيره من الناس، وحينئذ يكون هذا من باب المزية التي لا تقتضي التفضيل فالنبي (ص) أفضل منه، وكذلك مزية إبراهيم فهو أول من يكسى من حرير الجنة وديباجها يوم القيامة عندما يخرج الناس جميعا من الأجداث حفاة عراة غرلا أول من يكسى منهم إبراهيم عليه السلام لكن هذه مزية لا تقتضي التفضيل فالنبي (ص) أفضل منه.

----------------------------------------------------------------------

الكلام على التأويل

هل الأصل عدم التأويل أو الأصل التأويل وما هي صحة قول ابن عباس في تأويل: {وجاء ربك والملك صفا صفا}؟

إذا كان السؤال يتعلق بتأويل صفات الباري سبحانه وتعالى فإن أصل تأويلها إنما هو خوف من تشبيهه بخلقه، هذا الحامل عليه في الأصل، لكن الواقع أننا لا نحتاج إليه أصلا، لأن من آمن بالله وبما جاء به رسوله من عنده وعرف أنه لا أحد أعلم بالله من الله، ولا أحد بعد ذلك أعلم بالله من رسول الله (ص)، وأن الرسول (ص) هو الناصح الأمين الحريص على هداية الأمة لم يكن ليتركهم في مضلة وضياع، ولم يكن ليأتيهم بما هو موهم للتشبيه أو موهم للضلال ويسكت حتى يموت ويلقى الله ولم يشرح ذلك لأمته ولم يبينه لهم! هل تعلمون أحدا أنصح للناس من رسول الله (ص) ؟ هل تظنون أن أحدا أحرص على عقائد الناس من رسول الله (ص)، لماذا يترك رسول الله (ص) ذلك التأويل ثم يأتي أقوام آخرون فيؤولون، إن الرسول (ص) هو أنصح الناس للناس، وهو الحريص عليهم كما أخبر بذلك ربنا سبحانه وتعالى وشهد له به، فقال: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} ولهذا يقال لمن أراد ذلك القول هذا الذي تدعو إليه هل دعا إليه رسول الله (ص) وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أم لم يدعوا إليه؟ فإن أقر أنهم لم يدعوا إليه يقال فمن أين لك علمه؟ ومن أين لك أن تدعو إليه ولم يدع إليه أولئك؟ فهذا الجواب المسكت في حق أولئك.

----------------------------------------------------------------------

الكلام على العِرافة والضرب في الرمل

هذا السؤال عن حكم الگزانه وهل الگزانون من العرافين، وهل صاحب ذلك آثم أم لا؟

أن ما يسميه الناس بلگزانه هي الضرب في الرمل، وقد سئل رسول الله (ص) عن الضرب في الرمل فذكر أن نبيا من أنبياء الله كان يخط فمن وافق خطه فذاك وإلا فلا خير فيه، وهي على قسمين، القسم الأول منها ما كان من التطلع على الغيبيات والجزم بها، فهذا قطعا حرام، ولم يفعله نبي من الأنبياء وهو يدخل في حيز العرافة والنوع الثاني ما لم يكن كذلك وإنما كان من الاستدلال بالعلامات كما قال الله تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} كاستدلال الإنسان على نزول المطر برؤيته للنوء الرطب أو للبرق مثلا، أو استدلاله على نضج العنب أو التمر بنضج بعضه،

فمثل هذا النوع هو من الأمور التي يرجع فيها إلى حكم العادة، وأهل العلم مختلفون فيها، فمنهم من رأى أن ذلك من التنجيم حتى لو نسب إلى الأسباب، ورأوا حرمته، ومنهم من رأوا أن ذلك ليس من التنجيم وأنه من نسبة المسببات إلى الأسباب وقد جاءت نسبة المسببات إلى الأسباب في عدد من النصوص الشرعية، وقد نظم الشيخ عبد القادر بن محمد بن محمد سالم رحمة الله عليهم أجمعين هذا الخلاف فقال:

*إذا كان ذو التنجيم بالله مؤمنا** ولم ينسب التأثير أصلا إلى النجم*

*وقال بجعل الله نجما علامة** على محدث لله فهو أخو جرم*

*وذو جرحة حتى يتوب ولم يجز** لذي شرعة تقليده عند ذي الفهم*

*عزاه ابن فرحون الإمام لأوحد** شهير بتحصيل المسائل والفهم*

*أبي دلف الدنيا الأغر ابن رشدهم** عن السيد المرضي سحنون ذي الفهم*

*وسوغ هذا المازري لقوله** عليه سلام الله في البدء والختم*

*إذا نشأت بحرية وهو ظاهر** وقد جاء فيه ما يدل لذا الحكم*

فالمازري يرى جواز ذلك ويستدل بالبلاغ الذي أخرجه مالك في الموطأ وهو من البلاغات الأربع التي لم يصلها أبو عمر في التمهيد وقد وصلها ابن الصلاح وهذا البلاغ فيه أن النبي (ص) قال: «إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة» إذا نشأت بحرية أي ظهر المزن من جهة البحر أي من الغرب بالنسبة للمدينة، ثم تشاءمت أي اتجهت إلى الشمال فتلك عين غديقة أي كثيرة الماء، يكثر المطر منها، ومطر المدينة أكثره يأتي من جهة الغرب وبالأخص إذا اتجه إلى جهة الشمال، فهذا حكم عادي وهو دليل على جواز الاعتماد على العلامات العادية في الأمور، وابن رشد روى عن سحنون منع ذلك لأنه جعله داخلا في حيز التنجيم الذي حرمه رسول الله (ص)، فلذلك إذا كان الگزان من الذين ينسبون التأثير للمخلوقات أو يتطلعون على المغيبات فهو عراف لا يحل تصديقه ولا إتيانه أصلا حتى لو لم يصدقه الإنسان ولا تقبل له صلاة أربعين يوما إذا أتاه، أو صدقه فيما يقول، وإذا كان ممن يستدلون فقط بالتوسم والعلامات ولا يجزم بذلك فإن لذلك أصلا فقد قال الله تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} وقال تعالى: {لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} والمتوسمون هم أصحاب البصائر الذين يميزون الأمور ويربطون بين المعلومات حتى يتوصلوا إلى بعض النتائج غير القطعية فيظنون فيها ظنونا قد تتأكد وقد لا تتأكد مثل المرائي فهي تسر ولا تغر.

 

 

 

 

الخميس, 16 ديسمبر 2010 10:43
 

آخر تحديث للموقع:  الجمعة, 12 أبريل 2024 20:59 

النتائج النهائية لمسابقات دخول المركز

اشترك في القناة

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

جديد الموقع

إحصائيات

المتصفحون الآن: 23 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow